للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وديعة، وإن قال: (له عليَّ ألف) ثم سكت، ثم قال بعدُ: (هي وديعة)، أو قال: (هلكت) .. لم يقبل ذلك منه؛ لأنه قد ضمن ألف درهم بإقراره ثم ادعى ما يخرجه من الضمان، فلا يُصَدَّق عليه، وإنما صدقناه أولًا؛ لأنه وصل الكلام. انتهى (١).

قال شيخنا: وممن صرح بما قاله الإِمام الماوردي والبغوي (٢).

قلت: يمكن أن يقال: إن هذا النص تفريع على أحد القولين: أنه لا يقبل منه دعوى الوديعة إلا متصلًا؛ ولذلك قرن كونه لا يقبل منه دعوى التلف بكونه لا يقبل منه قوله منفصلًا: إنها وديعة، والكلام مع قبول التفسير بالوديعة مع الانفصال، والله أعلم.

٢٥٢١ - قول "المنهاج" [ص ٢٨٤]: (ولو أَقَرَّ ببيعٍ أو هبةٍ وإقباضٍ ثم قال: "كان فاسدًا وأقررت لظني الصحة" .. لم يقبل، وله تحليف المُقرِّ له، فإن نَكَلَ .. حَلَفَ المُقِرُّ وبَرِئَ) فيه أمور:

أحدها: أنه جزم بعدم القبول، وقال السبكي: ومن يقول بتصديق مدعي الفساد، ويسلم أن الاسم يشمل الصحيح والفاسد .. لا يبعد هنا أن يصدق المقر وإن تراخى.

وقال شيخنا الإسنوي: يحتمل أن يقال به، ويحتمل ألَّا، ويفرق: بأن القبول هنا يؤدي إلى خلاف الظاهر مرتين، وهما الإقرار والبيع السابق عليه. انتهى.

ولعل هذا الثاني أرجح؛ لأنه أكد كون الأصل في العقود الجارية بين المسلمين الصحة بإقراره بذلك، والله أعلم.

ثانيها: في تعبيره بالبراءة نظر؛ فإن البراءة إنما تكون من الديون، والنزاع إنما هو في عين؛ فإنها هي التي يرد عليها البيع والهبة؛ ولذلك عبر في "المحرر" و"الروضة" وأصلها بقولهم: (وحُكم ببطلان البيع والهبة) (٣)، وهذا التعبير هو الصواب.

ثالثها: يفهم من قوله: (ثم) أنه قال ذلك متراخيًا، فخرج به ما إذا قاله متصلًا بكلامه، فمقتضاه: القبول، وفيه نظر، وقال السبكي: الوجه: تخريجه على قولي تعقيب الإقرار بما يرفعه. انتهى.

فيكون الأصح فيه: عدم القبول أيضًا.

٢٥٢٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٧٧]: (وإن قال: "هذه الدار لزيد لا بل لعمرو"، أو "غصبتها من زيد لا بل من عمرو" .. لزمه الإقرار للأول، وهل يغرم للثاني؟ فيه قولان) الأصح: أنه


(١) الأم (٦/ ٢٢٢).
(٢) انظر "الحاوي الكبير" (٧/ ٤٥)، و"التهذيب" (٤/ ٢٥٢).
(٣) المحرر (ص ٢٠٥)، فتح العزيز (٥/ ٣٣٩)، الروضة (٤/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>