للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويستثنى من الضمان أيضًا: ما إذا كان المستعير محجورًا عليه بسفه .. فلا ضمان عليه، كما قاله الهروي في "أدب القضاء"، قال شيخنا الإِمام البلقيني: وفي كلام الأصحاب في (باب الوديعة) ما يقتضي ذلك. انتهى.

واعلم أن قولنا: (إن المستعير من المستأجر لا ضمان عليه) محله: في الإجارة الصحيحة, فإذا استأجر شيئًا إجارة فاسدة، فأعاره، فتلف .. ضمنه المستأجر، كما ذكره البغوي في "فتاويه" وعلله: بأنه فعل ما ليس له، قال: والقرار على المستعير.

الأمر الثالث: ظاهر إطلاق "التنبيه" و"الحاوي" و"المنهاج" في آخر الباب في أثناء مسألة و"الروضة" وأصلها: ضمان العارية بالقيمة سواء أكانت مثلية؛ كالخشب والحجر، أو متقومة، وهو الأصح في "الحاوي" و"البحر" و"التهذيب" وغيرها؛ فإنهم بنوا المثلي على الخلاف في المتقوم، فإن اعتبرنا أقصى القيم .. أوجبنا المثل، أو قيمة يوم التلف - وهو الأصح - .. فالقيمة (١)، وخالف ابن أبي عصرون، فضمن المثل بالمثل على القياس.

٢٥٦٢ - قول "التنبيه" [ص ١١٣]: (وإن تلف ولدها .. ضمن، وقيل: لا يضمن) فيه أمران:

أحدهما: أن الأصح: عدم الضمان، كذا في "الروضة" وأصلها أن ضمانه مبني على تضمين العارية بأقصى القيم، وعدم ضمانه مبني على تضمينها بقيمة يوم التلف أو القبض (٢)، فيقال: كيف صحح "التنبيه" الضمان مع تصحيحه اعتبار قيمة يوم التلف؟

وأورد النشائي على تصحيح النووي: أنه كان ينبغي له التعبير فيه بالصواب على طريقته؛ فإن من اعتبر يوم التلف نافٍ لضمان الولد (٣).

قلت: لم يجزم "التنبيه" باعتبار يوم التلف، بل رجحه، ثم حكى وجهًا باعتبار أقصى القيم، فصار الترجيح في إحدى الصورتين مخالفًا للترجيح في الأخرى، كما قدمته، والله أعلم.

ثم ظاهر كلام "التصحيح" و"الروضة" وأصلها: ترجيح عدم الضمان مطلقًا (٤)، وليس كذلك، بل حكمه على هذا الوجه كما لو طيرت الريح ثوبًا إلى داره وغير ذلك من الأمانات الشرعية، كما ذكره القاضي حسين والإمام وغيرهما (٥)، ولم يذكر ابن الرفعة في كتابيه غيره،


(١) التنبيه (ص ١١٣)، الحاوي (ص ٣٤٨)، المنهاج (ص ٢٨٩)، فتح العزيز (٥/ ٣٧٧)، الروضة (٤/ ٤٣١)، الحاوي الكبير (٧/ ١٢١)، بحر المذهب (٩/ ٨)، التهذيب (٤/ ٢٨١).
(٢) فتح العزيز (٥/ ٣٧٧)، الروضة (٤/ ٤٣١).
(٣) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق ١٠٧).
(٤) فتح العزيز (٥/ ٣٧٧)، تصحيح التنبيه (١/ ٣٥١)، الروضة (٤/ ٤٣١).
(٥) انظر "نهاية المطلب" (٧/ ١٤٣)، و"الروضة" (٤/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>