للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ضمان، ذكره "الحاوي" (١) و"المنهاج" وعبارته: (والأصح: أنه لا يضمن ما يمَّحق أو ينسحق باستعمال، والثالث: يضمن المُمَّحق) (٢) وفيه شيئان:

أحدهما: أنه لم يصرح في "المحرر" بالوجه الثالث، فهو من زيادة "المنهاج" من غير تمييز.

ثانيهما: عبر في "الروضة" في الانسحاق بالصحيح (٣)، وهو يقتضي ضعف مقابله، ويستثنى من قولنا: (إن التلف بالاستعمال غير مضمون): الهدي والأضحية المنذوران يجوز إعارتهما، قال في "الروضة" وأصلها في (الأضحية): وإن نقصا بذلك .. ضمن، فإن أراد المستعير .. فهو صريح فيما قلناه من استثنائه مما تلف بالاستعمال، وإن أراد المعير .. لزم منه ضمان المستعير أيضًا، لانبناء يده على يد ضامنه، وعلى الثاني: فيمتحن بمعير إعارة جائزة، وهو ضامن (٤).

الأمر الثاني: يستثنى من ذلك: ما إذا استعار من المستأجر .. فلا ضمان عليه في الأصح، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي" (٥)، أو من الموصى له بالمنفعة، وقد ذكره "الحاوي" (٦)، أو من الموقوف عليه، كما ذكره المتأخرون.

قال شيخنا الإِمام البلقيني: والضابط لذلك: أن تكون المنفعة مستحقةً لشخصٍ استحقاقًا لازمًا, وليست الرقبة له، فإذا أعار .. لا يضمن المستعير منه، وعلى هذا: فلو أصدق زوجته منفعة، أو صالح على منفعة، أو جعل رأس السلم منفعة، ففي هذه المسائل وأنظارها إذا أعار مستحق المنفعة شخصًا، فتلفت تحت يده .. لا ضمان عليه في الأصح، قال: وليس استعارة كتب الوقف من قبيل الاستعارة من الموقوف عليه؛ لأن المستعير من جملة الموقوف عليهم، قال: ويتردد بينهما إعارة الإِمام الآلات التي اشتراها من سهم سبيل الله؛ فإنه إذا دفعها لشخص عارية .. لا يضمن؛ إما لأنه من جملة المستحقين، وهو الظاهر، أو لشبهه بمن انبنت يده على يد من ليس بضامن. انتهى.

واستثنى شيخنا المذكور من الضمان أيضًا: جلد الأضحية، فإعارته جائزة، قال: ولو تلف في يد المستعير .. لم يضمن؛ لانبناء يده على يد من ليس بمالك مع أنه يستحق أن ينتفع استحقاقًا لازمًا، ولا يضمن لو تلف تحت يده، فلا يضمن لو تلف تحت يد المستعير منه، قال: وفيه نظر. انتهى.


(١) الحاوي (ص ٣٤٨).
(٢) المنهاج (ص ٢٨٧).
(٣) الروضة (٤/ ٤٣٢).
(٤) فتح العزيز (١٢/ ١١٤)، الروضة (٣/ ٢٢٦).
(٥) الحاوي (ص ٣٤٨)، المنهاج (ص ٢٨٧).
(٦) الحاوي (ص ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>