للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن النقيب: ومقتضى كلامهم: التصوير بما إذا لم يكن له في البلد والشتاء قيمة ألبتة، فإن كانت ولو يسيرة .. وجب المثل، وهو مشكل (١).

قلت: لا إشكال فيه؛ لأن الأصل المثل، وإنما يعدل عنه إذا لم يصر له في تلك الحالة مالية، ولا نظر إلى زيادة قيمة المثل ونقصها، كما لا نظر إلى تفاوت الأسعار عند رد العين على المذهب.

ثانيها: الحلي، فإذا أتلف حليًا من ذهب أو فضة أو آنية، وجوزنا اتخاذها .. فالأصح: ضمان الكل بنقد البلد وإن كان من جنسه، ولا ربًا؛ لاختصاصه بالعقود، وقد ذكره "التنبيه" بعد ذلك (٢).

ثالثها: ما إذا لم يجد المثل إلا بأكثر من ثمن مثله .. فالأصح في زوائد "الروضة": أنه لا يلزمه تحصيله (٣)، وقد تبع فيه "التنبيه" حيث قال [ص ١١٤]: (فإن أعوزه المثل أو وجده بأكثر من ثمن المثل .. ضمنه بقيمته)، ولم يصرح الرافعي بترجيح، بل حكى هذا عن تصحيح الغزالي وآخرين، واللزوم عن تصحيح البغوي والروياني (٤)، واستشكل شيخنا ابن النقيب ما صححه في "الروضة" (٥)، وسبقه لذلك شيخه السبكي.

رابعها: ما إذا ظفر بالغاصب في غير بلد التلف .. فالصحيح: أنه لا يطالبه بالمثل إن كان لنقله مؤنة، بل يغرّمه قيمة بلد التلف، وقد ذكره "المنهاج" (٦)، وأشار إليه "الحاوي" بعد ذلك (٧).

خامسها: لو تراضيا على أخذ القيمة مع وجود المثل .. جاز على أحد وجهين، صححه السبكي، فعلى هذا: لا يتعين المثل.

سادسها: المستعير والمستام لا يضمنان المثلي بالمثل، بل بالقيمة، وعنهما احترز "المحرر" بقوله: (تحت اليد العادية) (٨)، فَحَذْفُ "المنهاج" لذلك ليس بجيد، وكأنه اكتفى بأن الكلام في الغصب، ولا يرد ذلك على "التنبيه" و"الحاوي" لتصريحهما بأن الكلام في المغصوب.

سابعها: يرد عليهم: القمح المختلط بالشعير؛ فإنه لا يجوز السلم فيه، ومع ذلك فإنه يضمن بالمثل.


(١) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ١٢٨).
(٢) التنبيه (ص ١١٤).
(٣) الروضة (٥/ ٢٥).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٥/ ٤٢٩، ٤٣٠).
(٥) الروضة (٥/ ٢٥)، وانظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ١٢٨).
(٦) المنهاج (ص ٢٩٢).
(٧) الحاوي (ص ٣٥٢).
(٨) المحرر (ص ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>