للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلامهم: أن يكون فيها الخلاف المذكور، لكن جزم ابن الصباغ بأنهما يصيران شريكين، قال شيخنا: أما لو غصب من اثنين زيتاً ثم خلطه .. فالمعروف عند الشافعية أنه لا يملك شيئاً من ذلك، ولا يكون كالهالك، وقد ذكروا ذلك في الاستدلال، لكن حكى صاحب "البحر" وجهين فيما إذا غصب دراهم من اثنين وخلطهما:

أحدهما: يقسم بينهما.

والثاني: أنهما يتخيران بين القسمة والمطالبة بالمثل. انتهى (١).

واعلم: أن عبارة "المنهاج" و"الحاوي" تتناول ما لو خلطه بغير جنسه؛ كزيت بشيرج .. ففيه الطريقان، لكنه أولى بكونه كالهالك، وفرق صاحب "التنبيه" بينهما، فتكلم أولاً على خلط الحنطة بمثلها، والزيت بمثله، وذكر ما تقدم، ثم قال: (وإن خلط الزيت بالشيرج وتراضيا على الدفع منه .. جاز، وان امتنع أحدهما .. لم يجبر) (٢).

٢٦٥٢ - قول "المنهاج" [ص ٢٩٥]: (ولو غصب خشبة وبنى عليها .. أُخرجت) أعم من تعبير "التنبيه" و"الحاوي" بالساج (٣)، وهو نوع من الخشب، ومع ذلك: فالحكم غير مختص بالخشبة؛ فالحجر والآجر ونحوهما كذلك، فلو قال: (شيئاً) .. كان أعم، ومحله: إذا لم يتعفن؛ ولذلك قال "التنبيه" [ص ١١٤]: (وإن أدخل ساجاً في بناء فعفن فيه .. لم ينزع).

٢٦٥٣ - قول "المنهاج" [ص ٢٩٥]: (ولو أدرجها في سفينة .. فكذلك إلا أن يخاف تلف نفسٍ أو مالٍ معصومين) فيه أمران:

أحدهما: التقييد بخوف تلف النفس المعصومة في "الروضة" وأصلها أيضاً (٤)، ومقتضاه: أنه لو خاف تلف ما دونها من الأعضاء .. أخرجت، ولا يبالى بذلك، وينبغي أن يلحق بها ما يبيح التيمم، كما سيأتي في مسألة الخيط، ومقتضاه: اعتبار الشين في الآدمي دون غيره، ويوافق هذا البحث قول "التنبيه" [ص ١١٣]: (وهي في اللجة وفيها حيوان معصوم) فإنه لم يخص الحكم بالخوف على نفسه، وأجزاؤه معصومة كنفسه، وقول "الحاوي" [ص ٣٥٦]: (لا إن خاف محترماً) فإن الأعضاء في الاحترام كالنفس.

ثانيهما: أخرج بتقييد المال بالعصمة مال الحربي، وأما مال الغاصب .. فمختلف فيه، قال في "التنبيه" [ص ١١٤]: (قيل: ينزع، وقيل: لا ينزع) ونقل الرافعي تصحيح النزع عن الإمام،


(١) بحر المذهب (٩/ ١٠١).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ١١٥).
(٣) التنبيه (ص ١١٤)، الحاوي (ص ٣٥٥).
(٤) فتح العزيز (٥/ ٤٦٥)، الروضة (٥/ ٥٤، ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>