للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: أن الأصح في الآفة: القطع بذلك، فكان ينبغي التعبير فيها بالمذهب، والمراد: الآفة السماوية، وهو ما ليس بفعل آدمي؛ كحريق وغرق، وعللوا القطع فيها بانتفاء ما يجبر به بخلاف الغصب ونحوه، ومقتضى الفرق: أن المتلف لو كان ممن لا يضمن؛ كالحربي .. كان كالآفة.

ثانيها: المراد في الغصب والسرقة: ما إذا تعذر أخذه وأخذ بدله، فإن أخذ .. استمر القراض.

ثالثها: التصرف يشمل البيع والشراء، والأصح: الاكتفاء بالشراء فقط؛ ولهذا عبر به "الحاوي" (١)، وعبارة "التنبيه" [ص ١٢٠]: (بعد التصرف والربح)، ولم يتعرض غيره لذكر الربح؛ ولعله بناه على الغالب في كون البيع بربح، لا أن ذلك شرط.

٢٧٦٤ - قول "التنبيه" [ص ١٢٠]: (فإن اشترى سلعة بثمن في الذمة وهلك المال قبل أن يُنقد الثمن .. لزم رب المال الثمن، وقيل: يلزم العامل) صحح النووي في "تصحيح التنبيه" الثاني (٢).

قال شيخا ابن النقيب: ونقله الرافعي عن النص في "البويطي"، وصحح نظيره في العبد المأذون (٣).

قلت: لم ينقل الرافعي عن نص "البويطي" لزوم الثمن للعامل في هذه الصورة بعينها صريحاً، وإنما حكى عنه: أنه يرتفع القراض، ويكون الشراء للعامل، وأن بعض الأصحاب حمله على ما إذا كان التلف قبل الشراء، فإن كان بعده .. وقع للمالك، ولزمه ألف أخرى، وقال ابن سريج: يقع عن العامل مطلقاً، ولم يرجح منهما شيئاً، لكنه قبل ذلك جزم في أثناء تعليل بالأول، فقال في تعليل منع الشراء بالنسيئة؛ لأنه ربما يهلك رأس المال، فتبقى العهدة متعلقة به (٤)، أي: برب المال، ولم يصحح الرافعي نظيره في العبد المأذون، إنما صحح فيه: أن السيد مخير، فإن دفع الثمن .. أمضى العقد، وإلا .. فللبائع فسخه.

قال في "المهمات": وقد رأيت كلام الشافعي رحمه الله في "البويطي"، وهو كما قالوه محتمل لكل من الوجهين السابقين.

قلت: بل هو صريح في الرد على صاحب الوجه الأول، ولفظه: وإذا قارض رجلاً واشترى


(١) الحاوي (ص ٣٦٩).
(٢) تصحيح التنبيه (١/ ٣٧٠).
(٣) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ١٩٦).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢١، ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>