للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستحق إذا تبرع عنه بالعمل .. يظهر مثله في إمام المسجد ونحوه إذا استناب، وإن أفتى ابن عبد السَّلام والنووي: بعدم استحقاق الأصل والنائب.

ثانيهما: أن محل الاستقراض: إذا لم يكن له مال، فإن كان .. استؤجر منه ولو لم يكن له إلَّا حصته من الثمرة بعد التأبير، فيباع عليه جميعها، أو بعضها بقدر ما يفي بالأجرة، وعبارة "التَّنبيه" [ص ١٢٢]: (وإن هرب العامل .. استؤجر من ماله من يعمل عنه، فإن لم يكن له مال .. اقترض عليه)، فيرد عليه الأمر الأوَّل دون الثَّاني.

ومحل الاقتراض أيضاً: إذا لم نجد من نستأجره بأجرة مؤجلة مدة إدراك الثمار، وهذه واردة على "التَّنبيه" أيضاً؛ فإنَّها رتبة متوسطة بين المال والاقتراض، وعبارة "المنهاج" [ص ٣٠٦]: (وإلا .. استأجر عليه الحاكم من يُتِمُّهُ)، فلم يُبين من أين يستأجر، وصدق بهذه الصور كلها، وفيه التصريح بأن الذي يستأجر هو الحاكم، ولم يصرح بذلك "التَّنبيه" (١).

وأعلم: أنَّه ينبغي حمل كلامهم في الاستئجار على ما إذا وردت المساقاة على الذمة، فإن وردت على العين وصححناه وهو الأصح .. فقال السبكي: يظهر أن لا يستأجر؛ لتمكن المالك من الفسخ، أو يقال: الفسخ حقه، وطلب العمل حقه، فإذا لم يفسخ .. يستأجر الحاكم، قال: ويتعين هذا في الحاضر الممتنع. انتهى.

وجزم صاحب "المعين" بما رجحه السبكي بحثًا، فقال في إجارة العين: لا يستأجر قطعًا، ولكن يثبت له الخيار، وكذا جزم به النسائي في "نكته" (٢)، وما أدري من أين أخذه، فما عادته إطلاق ما يقول صاحب "المعين" من غير عَزوٍ.

٢٨٠٣ - قول "التَّنبيه" [ص ١٢٢] فيما إذا لم يقدر رب المال على إذن الحاكم، فأنفق، وأشهد: (قيل: يرجع، وقيل: لا يرجع) الأصح: الرجوع، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص ٣٠٦]: (وإن لم يقدر على الحاكم .. فليُشهِد على الإنفاق إن أراد الرجوع) و "الحاوي" بقوله [ص ٣٧٥]: (ثم ينفق المالك بالإشهاد).

ثم صريح عبارة "المنهاج" وظاهر عبارة الآخرين: الاكتفاء بالإشهاد على الإنفاق، وقال ابن الصباغ: لا بد مع ذلك من الإشهاد على أنَّه بذل ذلك بشرط الرجوع، وإلا .. فهو كترك الإشهاد، حكاه عنه الرافعي والنووي، وأقراه (٣)، وحكاه في "الكفاية" عنه وعن البندنيجي وغيرهما، وفي معنى الإنفاق: العملُ إن عمل بنفسه، فلو أنفق المالك بإذن الحاكم ليرجع .. ففيه وجهان: وجه


(١) التَّنبيه (ص ١٢٢).
(٢) نكت النبيه على أحكام التَّنبيه (ق ١١٣).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٧١، ٧٢)، و "الروضة" (٥/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>