للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٩٥ - قول "المنهاج" [ص ٣١٣]: (وغصب الدابة وإباق العبد يُثبت الخيار) لا يخفى أن ذكر الدابة والعبد مثال، ولذلك قال "الحاوي" [ص ٣٨٥]: (أو غُصب أو أبق) أي: أيَّ مؤجر كان، ثم فيه أمور:

أحدها: لا يخفى أن صورة المسألة في إجارة العين، فإن كان في إجارة الذمة .. فعلى المؤجر الإبدال، فإن امتنع .. استؤجر عليه.

ثانيها: أن محله: ما إذا لم يبادر المؤجر إلى الانتزاع من الغاصب وإحضار الآبق، فإن بادر لذلك ولم تتعطل عليه منفعة .. سقط خياره كما سبق في نظيره.

ثالثها: أن محله: في غصب أجنبي، فلو غصبها المالك، إمَّا بعد القبض، أو بامتناعه من الإقباض الواجب .. فقيل: كالأجنبي، وقيل: ينفسخ قطعًا.

رابعها: أن محله: ما إذا لم يستمر الغصب والإباق حتَّى انقضت المدة، فإن كان كذلك .. فسنذكره بعد.

٢٨٩٦ - قول "التَّنبيه" [ص ١٢٤]: (وإن غصبت العين حتَّى انقضت المدة .. فهو كالمبيع إذا تلف قبل القبض، وقد بيناه في البيع)، قال النووي في "التحرير": وقوله: (أتلف) كذا صوابه بالألف، وحذفها خطأٌ يتغير به حكم المسألة، فاحذره (١).

قلت: لأنَّ تلف المبيع قبل القبض بآفة ينفسخ به البيع قطعًا، وإتلاف أجنبي له فيه خلاف، هل ينفسخ به البيع، أو يثبت للمشتري الخيار؟ وقد ذكر هو في "أصل الروضة" في هذه الصورة أنَّها مبنية على الخلاف في إتلاف الأجنبي، لكنَّه قال بعده: إن الذي نص عليه الشَّافعي والأصحاب: انفساخ الإجارة وإن كان البناء المذكور يقتضي ترجيح عدم الانفساخ، لكن المذهب: الانفساخ. انتهى (٢).

وحينئذ .. يتجه تشبيهها بالتلف لا بالإتلاف، ومن العجب جزم الرافعي والنووي بالبناء مع قولهما: إن الشَّافعي والأصحاب على خلافه، وفرق القاضي حسين بين الإجارة والبيع بفرق ذكره الرافعي في نظيره، وهو: أن المعقود عليه في البيع المال، وهو واجب على الجاني، فيتعدى العقد من العين إلى بدلها، بخلاف الإجارة؛ فإن المعقود عليه فيها المنفعة، وهي غير واجبة على متلفها، إنَّما الواجب المال، فلم يتعد العقد من المنفعة إلى بدلها، وقد يؤخذ من إطلاق "المنهاج" و "الحاوي" ثبوت الخيار خاصة (٣)، لكن الحق: أنَّهما مسألتان: مطلق الغصب،


(١) تحرير ألفاظ التَّنبيه (ص ٢٢٤).
(٢) فتح العزيز (٦/ ١٧١)، الروضة (٥/ ٢٤٢، ٢٤٣).
(٣) الحاوي (ص ٣٨٥)، المنهاج (ص ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>