للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّه يشعر بسبق الانعقاد، وقالوا: الخلاف في تبيّن البطلان لظهور تصرفه في غير ملكه؛ فإنَّه قيل به .. فهو من التَّفريق في الابتداء، وإن قيل بعبارة الجمهور .. فهو من التَّفريق في الدوام، والله أعلم (١).

٢٨٩٤ - قول "التَّنبيه" [ص ١٢٤]: (وإن كانت دارًا فانهدمت، أو أرضًا فانقطع ماؤها .. ففيه قولان، أحدهما: ينفسخ، والثَّاني: لا ينفسخ، بل يثبت له خيار الفسخ) الأصح: أنَّها تنفسخ في الأولى دون الثَّانية، وعليه مشى "الحاوي" و "المنهاج" (٢)، لكنَّه عطفه على ما عبر فيه بالأصح، فاقتضى أن الخلاف وجهان، وليس كذلك؛ فإن النَّصُّ في الأولى الانفساخ، وفي الثَّانية الخيار، فقيل: بتقرير النصين، وقيل: بالقطع فيهما بالخيار، وقيل: بطريقة التخريج، لكن الأظهر من القولين في كل مسألة: ما نص عليه، وهي الطريقة المصححة، وهو مشكل، فإنه إن ظهر الفرق .. فكيف يخرج؟ وإن لم يظهر واحتيج للتخريج .. فكيف يرجح مقتضى النَّصُّ؟ ، وقد وقع لهذا في كلام الرافعي والنووي نظائر، وفيها هذا الإشكال، وعلى كل حال: فكان ينبغي التعبير بالمذهب أو بالأظهر إن اقتصر على طريقة القولين.

لكن قد يجاب عنه: بأن الطرق قد يسلك بها مسلك الأوجه كثيرًا، فإنَّها من تصرف الأصحاب.

ولو هدمها المستأجر .. كان الحكم كذلك، صرح به البغوي، وأمَّا قول الرافعي والنووي في (النكاح): إن المستأجر لو خرب الدار ثبت له الخيار (٣) .. فالمراد به: تخريب يحصل به تعييب لا هدم كامل، ومحل ثبوت الخيار في الثَّانية: ما إذا لم يبادر المؤجر لسوق ماء إليها، فإن بادر به .. سقط الخيار؟ ؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص ٣٨٥]: (لا إن بادر التدارك)، لكن عبارة "الروضة" وأصلها: فإن قال المؤجر: (أنا أسوق الماء إليها) .. سقط الخيار (٤)، ومقتضى هذا اللفظ: الاكتفاء بالوعد بذلك، وهو بعيد كما قال السبكي، قال: وقطع الماوردي ببقاء الخيار عند مجرد الوعد.

قلت: لم يرد الرافعي والنووي الاكتفاء بالوعد الذي ليس بمنجز، فقد قالا قبله: وإنَّما يثبت الخيار إذا امتنعت الزراعة، وبعده: كما لو بادر إلى إصلاح الدار، ومن المعلوم أن الوعد بالإنجاز تمتنع معه الزراعة، وليس كالمبادرة إلى إصلاح الدار.


(١) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ٢٦٥).
(٢) الحاوي (ص ٣٨٥)، المنهاج (ص ٣١٣).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٨/ ١٣٧)، و "الروضة" (٧/ ١٧٩).
(٤) فتح العزيز (٦/ ١٧٠)، الروضة (٥/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>