للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون قلتين .. نجسه، قال: أو يقول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه به على ما في معناه من المشكوك فيه، فالضبط بالشك لا بالنوم، فمتى شك .. كره الغمس قبل الغسل. انتهى.

وإذا كان كذلك .. فينبغي تأويل لفظ الشيخ كما أول لفظ الحديث، ولا يقضى عليه بالخطأ، كذا قيل، وهو غفلة؛ إذ ليس مقصود النووي تخطئة الشيخ، بل التنبيه على ما تكون الفتوى فيه مخالفة لظاهر لفظه.

واعترض على "التصحيح" أيضًا: بأنه يشمل من شك فغسل مرة؛ فإنه عندنا يتيقن الطهارة، ولا تزول الكراهة إلا بغسل الثلاث، فالصواب: استثناء هذه الصورة من قوله: (والصواب: أنه إذا تيقن ... إلى آخره)، كذا اعترض، وهو عجيب؛ فإن النووي أقر الشيخ على أن الشاك يكره له الغمس قبل الغسل ثلاثًا، فلا يقال: إذا غسل مرة .. فقد تيقن، فتناولته عبارة "التصحيح" لأنه شاك عند ابتداء الغسل، فتناولته عبارة "التنبيه" التي أقره عليها "التصحيح"، ولو كان كذلك .. لاستدرك النووي عليه في قوله: (ثلاثًا) فإنه لا يبقى له حينئذ معنى؛ إذ كل من غسل مرة .. تيقن، ومن تيقن .. لا كراهة في حقه، فظهر بذلك أن العبرة بابتداء الغسل، وأن المتوضئ إذ ذاك إما شاك أو متيقن، وحكمهما ما تقدم.

ثانيها: لا يختص ذلك بالقيام من النوم، فالمدار على الشك في طهارة يده، وذكر القيام من النوم مثال.

وقد سلم من هذين الإيرادين "المنهاج" حيث قال [ص ٧٥]: (فإن لم يتيقن طهرهما .. كره غمسهما في الإناء قبل غسلهما)، و"الحاوي" حيث قال [ص ١٢٦]: (وكره أن يدخل الظرف قبله إن شك طهارتهما)، وصاحب "التنبيه" تبرك بلفظ الحديث كما تقدم.

ثالثها: محل هذه الكراهة: في الماء القليل وهو دون القلتين، وهذا وارد على "المنهاج" و"الحاوي" أيضًا، إلا أنه قد يفهم من تعبير "التنبيه" و"المنهاج" بـ (الإناء)، و"الحاوي" بـ (الظرف) لأن غالب آنية الوضوء كذلك، ولم يتعرض في "المنهاج" و"الحاوي" للتثليث، وكذا فعل في "الشرح" و"المحرر"، ولكن نقل في "الروضة" عن البويطي والأصحاب: بقاء الكراهة حتى يغسل ثلاثًا (١)، والحديث قال له، وعليه جرى في "التنبيه" كما تقدم.

١٤١ - قول "التنبيه" [ص ١٥]: (يجمع بينهما في أحد القولين ... إلى آخره) الأصح عند الرافعى: تفضيل الفصل، وأنه بغرفتين (٢)، وعليه مشى في "الحاوي" (٣)، وعند


(١) الروضة (١/ ٥٨)، وانظر "مختصر البويطي" (ق ١).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١/ ١٢٣).
(٣) الحاوي (ص ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>