للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و"الحاوي" كما تقدم (١)، فالجواز هنا في كلام "التنبيه" على بابه غير محمول على الصحة، بخلاف ما تقدم أول الباب.

٢٩٣٥ - قول "التنبيه" [ص ١٣٠]: (وإن أقطع الإمام مواتًا. . صار المقطع كالمتحجر) يعود فيه ما سبق من أنه لا يقطعه إلا ما يقدر على عمارته، وقد صرح به "المنهاج" و"الحاوي" (٢).

٢٩٣٦ - قول "المنهاج" [ص ٣١٦]: (والأظهر: أن للإمام أن يحمي بقعة مواتٍ لرعي نَعَمِ جزيةٍ. . . إلى آخره) شرطه: ألَّا يضر ذلك بالمسلمين، كما صرح به "التنبيه" (٣)، أي: لكونه قليلًا من كثير بحيث يكفي المسلمين ما بقي، ويرد ذلك على "الحاوي" أيضًا، ويزداد: بأنه لم يصرح بأن ذلك في الموات، لكنه مفهوم من ذكره في بابه، ويرد على تعبير الثلاثة بـ (الإمام) أن الأصح: أن ذلك لولاة النواحي أيضًا، وادعى بعضهم: أن ولاة النواحي يدخلون في اسم الإمام، فلا إيراد، على أن ظاهر النص أنه ليس لولاة النواحي ذلك، واختاره الماوردي والسبكي.

٢٩٣٧ - قول "الحاوي" [ص ٣٩١]: (وينقض) أي: الإمام حماه، يقتضي نقضه مع بقاء الحاجة، وفي "المنهاج" [ص ٣١٦]: (وأن له نقض ما حماه للحاجة)، وقوله: (للحاجة) متعلق بـ (نقض) لا بـ (حماه)، وعبارة "التنبيه" [ص ١٣١]: (فإن زالت الحاجة. . جاز أن يعاد إلى ما كان)، ومقتضاها: أن يقول "المنهاج": (لزوال الحاجة).

وقال شيخنا ابن النقيب: قد يقال: عبارة "المنهاج" أحسن؛ فإن زوال الحاجة إنما يكون بزوال نَعَم الجزية والصدقة ونحوها، قال القاضي أبو الطيب: ولن يكون ذلك أبدًا إن شاء الله، فنبه على أن كلام الفقهاء إنما هو على فرض مجرد لا يكون إن شاء الله؛ فإن عدم ذلك من دار الإسلام مستحيل عادة، فإن اتفق في قطر. . وُجد في غيره، ويد الإمام لا تقصر عنه. . فيرجى عوده إليه (٤).

قلت: الحق: أنه لا تفاوت بين العبارتين، فالمراد بالحاجة في كلام "التنبيه": التي اقتضت الحمى، وفي كلام "المنهاج": التي اقتضت عدمه، ولا يرد ما حكي عن القاضي أبي الطيب؛ فإنه قد يزول الاحتياج إلى حمى بقعة مخصوصة للاستغناء عنها بأخرى، وقد يزول الاحتياج للحمى مطلقًا للاستغناء عنه بالمزارع المملوكة الداخلة في أموال بيت المال، فما انحصر زوال الحاجة في زوال نَعَم الجزية ونحوها، والله أعلم.


(١) الحاوي (ص ٣٨٩).
(٢) الحاوي (ص ٣٩١)، المنهاج (ص ٣١٦).
(٣) التنبيه (ص ١٣١).
(٤) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ٢٩١، ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>