للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيها: مقتضى كلامه: أنه لا فرق بين أن يكون الواقف مسلمًا أو ذميًا، وهو كذلك، فإذا وقفوه ثم ترافعوا إلينا. . أبطلناه، وإلا. . لم نتعرض لهم حيث لا يمنعون من الإظهار، ولو قضى به حاكمهم ثم ترافعوا إلينا. . نقضناه، وكلام ابن الرفعة يفهم فيه خلافًا، وهو بعيد.

ثالثها: المراد بالكنائس: الأماكن المعدة للعبادة، أما ما تنزله المارة. . فالنص وقول الجمهور: جواز الوصية ببنائها، قال ابن الرفعة: ويشبه أن الوقف كذلك. انتهى.

وقال الماوردي: لو وقف دارًا على أن يسكنها فقراء اليهود؛ فإن جعل لفقراء المسلمين معهم نصيبًا. . جاز، وإلا فوجهان (١).

وجه المنع: أنهم إذا انفردوا بسكناها. . صارت ككنائسهم.

٢٩٨٠ - قولهما: (ولا يصح إلا بالقول) (٢) وهو مقتضى كلام "الحاوي"، فيه أمران:

أحدهما: أن محله: في الناطق، أما الأخرس. . فيصح منه بالإشاره المفهمة، ولم يقيد السبكي بالمفهمة؛ لصحته في الباطن بدون إفهام، إلا أنه لا يترتب عليه شيء في الظاهر إلا مع الإفهام، ويصح منه أيضًا بالكتابة مع النية، والظاهر: صحته من غيره أيضًا بالكتابة مع النية على سبيل الكناية.

ثانيهما: يستثنى منه: بناء مسجد في موات بقصده، قاله في "الكفاية" تبعًا للماوردي، ويقوم الفعل مع النية مقام اللفظ، ويزول ملكه عن الآلة بعد استقرارها في مواضعها.

وأجاب السبكي: بأن الموات لم يدخل في ملك من أحياه مسجدًا، إنما احتيج إلى اللفظ لإخراج ما كان في ملكه عنه، وأما البناء. . فصار له حكم المسجد تبعًا، ولو استقل. . لاعتبر اللفظ، كما قال الروياني فيمن عَمر مسجدًا خرابًا، ولم يقف الآلة. . فهي له عارية، له الرجوع فيها متى شاء. انتهى.

وخالف في ذلك الفارقي، وقال في "المهمات": قياس ما قاله الماوردي: إجراؤه في غير المسجد أيضًا من المدارس والربط وغيرها، وكلام الرافعي في (إحياء الموات) في مسألة حفر البئر في الموات يدل عليه؛ أي: حيث فرق بين حفرها بقصد التملك أو الارتفاق أو المارة (٣).

٢٩٨١ - قول "التنبيه" [ص ١٣٧]: (وألفاظه: "وقفت" و"حبست" و"سبلت") يقتضى أنه لا يكفي: (جعلته مسجدًا)، والأصح: خلافه، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (٤)، لكن


(١) انظر "الحاوي الكبير" (٧/ ٥٢٥).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ١٣٧)، و"المنهاج" (ص ٣١٩).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٣٨).
(٤) الحاوي (ص ٣٩٤)، المنهاج (ص ٣١٩، ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>