للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيها: مقتضى كلامه: أنه لا يكفي الاقتصار على نفي البيع وحده والهبة وحدها، بل لا بد من الجمع بينهما، وقال ابن الرفعة: إنه لا يشترط الجمع بينهما، بل أحدهما يكفي، قال: وعلى قياسه ينبغي الاكتفاء بقوله: (لا تورث)، وتبعه في "المهمات" ولهذا اقتصر "التنبيه" على قوله [ص ١٣٧]: (لا تباع).

وقال السبكي: فيه نظر؛ لأن المأخذ مجيئهما في حديث عمر، وعبارة الشافعي: (لا تباع ولا توهب، أو لا تورث) (١) بـ (الواو) أولًا كحديث عمر، وبـ (أو) ثانيًا.

قلت: هذا تمسك بالأثر، وهو قابل للتأويل، وما ذكره ابن الرفعة فقه لا يرد، وقد ظهرت المسألة منقولة، ذكرها الروياني في "البحر"، وصحح ما قاله ابن الرفعة، فقال بعد القرائن التي لا بد أن ينضم بعضها إلى لفظ الصدقة: والثانية أن يقول: صدقة لا تباع ولا تورث ولا توهب، ذكره بعض أصحابنا، وقيل: يقول: صدقة لا تباع أو لا توهب أو لا تورث، وهذا أصح.

ثالثها: قال في "المهمات": في المسألة إشكال آخر، وهو: أن الكناية في غير هذا لم يلحقوها بالصرائح؛ لأجل وجود لفظ آخر، وقد أخذ ذلك من السبكي؛ حيث قال: قد جاء في هذا الباب نوع غريب لم يأت مثله إلا قليلًا، وهو انقسام الصريح إلى ما هو صريح بنفسه وإلى ما هو صريح مع غيره. انتهى.

فلم يجعل ذلك إشكالًا، والله أعلم.

٢٩٨٣ - قول "التنبيه" [ص ١٣٧]: (وإن قال: "تصدقت". . لم يصح الوقف حتى ينويه) يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين الوقف على الجهة والمعين، وليس كذلك، بل الأصح في المعين: أنه لا يكون وقفًا، بل ينفذ فيما هو صريح فيه، وهو محض التمليك، كما حكاه الرافعي والنووي عن الإمام من غير مخالفة (٢)، ولذلك قال "المنهاج" [ص ٣٢٠]: (وقوله: "تصدقت" فقط. . ليس بصريح وإن نوى، إلا أن يضيف إلى جهة عامة وينوي) ومقتضاه: أن هذا اللفظ مع النية يكون صريحًا في الجهة، وكذا عبارة الرافعي؛ حيث قال: التحق بالصريح على الصحيح (٣)، لكن عدّه "الحاوي" من الكنايات (٤)، وهو يقتضي اعتبار النية فيه، وعبارة "المحرر" لا تنافي ذلك؛ حيث قال: (إن "تصدقت" ليس صريحًا، ولو نوى. . لم يحصل الوقف أيضًا، إلا إذا أضاف إلى جهة عامة) (٥)، وكذا عبارة "الروضة" حيث قال: فوجهان:


(١) انظر "الأم" (٤/ ٥٧).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٦٤، ٢٦٥)، و"الروضة" (٥/ ٣٢٣).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٦٤).
(٤) الحاوي (ص ٣٩٤).
(٥) المحرر (ص ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>