للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتناول للهدية والصدقة، وهنا: ما عداهما، وأما "الحاوي" فإنه مزج تعريف الهبة باعتبار الإيجاب والقبول فيها، فامتنع أن يريد بهما مَعْنَيَيْنِ مختلفين (١)، لكنه بعد ذكر الهدية قال: (ويكفي فيها البعث والقبض) (٢)، ولو قال: (فيهما) ليتناول الصدقة؛ فإنها مذكورة قبلها .. لكان أحسن، وقد أحسن "الحاوي" بقوله عطفًا على المنفي [ص ٤٠٠]: (أو تأخير قبول) .. فصرح باشتراط الفور في القبول، وليس ذلك في "التنبيه" و"المنهاج"، لكن يبدر إلى الفهم اعتبار ذلك في الهبة كغيرها من العقود، والله أعلم.

٣٠٣٢ - قول "التنبيه" [ص ١٣٨]: (ولا تصح إلا من جائز التصرف في ماله غير محجور عليه) قيل: في قوله: (غير محجور عليه) يجوز أن يكون تأكيدًا، ويجوز أن يجعل احترازًا عن المفلس، والمكاتب يهب دون إذن السيد.

قلت: وإن جُعل جواز التصرف بمعنى إطلاق التصرف .. كان قوله: (غير محجور عليه) احترازًا عن المحجور عليه بالسفه ونحوه، ويكون المراد بجواز التصرف: البلوغ والعقل، كما قال في البيع: (لا يصح إلا من مطلق التصرف غير محجور عليه) (٣)، وقال الرافعي: ترك الغزالي العاقدين؛ لوضوح أمرهما (٤).

قال في "المهمات": لكن سيأتي من كلامه في اللقيط في الكلام على نفقته مسألة هي محل نظر، وقد توقف هو فيها، وهي: ما إذا وهب للجهة؛ كالمساكين واللقطاء .. هل يصح أم لا؟ وقال هنا: وفي اللقيط بصحة تمليك المسجد، ويقبله القيم، ونقل في الوصية عن بعضهم: أنه إذا أوصى للمسجد وأراد تمليكه .. لم يصح، وقال: تقدم ما يخالفه، قال في "المهمات": والمسألة ذات نظر متوقفة على نقل صريح. انتهى.

وظهر بذلك أن أمر الموهوب له ليس واضحًا؛ لحصول التردد في أنه هل يشترط فيه التعيين أم لا؟ بل تصح هبة الجهة، وعرف الماوردي الموهوب له بأنه: من صح أن يحكم له بالملك من مكلف وغيره (٥).

٣٠٣٣ - قول "التنبيه" [ص ١٣٨]: (فإن قال: "أعمرتك هذه الدار وجعلتها لك حياتك ولعقبك من بعدك" .. صح) عبارة "المنهاج" [ص ٣٢٤]: (لورثتك) بدل (عقبك)، وهي


(١) الحاوي (ص ٤٠٠).
(٢) انظر "الحاوي" (ص ٤٠١).
(٣) انظر "التنبيه" (ص ٨٧).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٣٢١).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (٧/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>