للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوضح، وجمع في "الروضة" وأصلها بينهما، فقال: (لورثتك أو لعقبك) (١)، واستشكل السبكي التعبير بالعقب؛ فإنه قد لا يكون وارثًا كابن البنت، وقال: كيف يعدل عن ظاهر لفظه، ويحمل العقب الذي قد لا يرث على الوارث الذي قد لا يكون عقبًا.

ويجاب: بأنهم عدلوا عنه؛ لأجل الحديث، وتبعه في "المهمات"، وبالغ في ذلك، فقال: إنه متدافع غير مستقيم، ولا ينبغي هذه المبالغة؛ لوروده في الحديث، وغاية ما في ذلك التجوز بحمل العقب على الوارث، وبينهما اجتماع، فلا يُنكر في اللغة إطلاقه عليه، وبتقدير أن يكون العقب على بابه .. فالمدار في التمليك على قوله: (أعمرتك)، ولا عبرة بما بعده من الألفاظ، وقد يكون معناه: ولعقبك إن كان لك عقب، وسكت عما إذا لم يكن له عقب.

٣٠٣٤ - قول "التنبيه" [ص ١٣٨]: (وإن لم يذكر العقب .. صح أيضًا، ويكون له في حياته ولعقبه من بعد موته) لا يصح التعبير هنا بالعقب، وإنما هي بعده للورثة، وقد تسمحنا في لفظ المعمر بذكر العقب اتباعًا للحديث لما قدمناه، وأما الحكم بأنه بعده لعقبه .. فلا يغتفر؛ فإنه الآن في بيان الحكم الشرعي، وهناك في اللفظ الصادر من المعمر.

٣٠٣٥ - قوله: (وقيل: فيه قول آخر: أنه باطل، وقيل: فيه قول آخر ... إلى آخره) (٢) لا تردد أن فيه قولًا قديمًا، لكن اختلفوا في كيفيته على وجوه، أظهرها: البطلان؛ فقوله: (وقيل فيه قول آخر: أنه باطل) هو الأصح في كيفية هذا القول؛ ولهذا قال " المنهاج" [ص ٣٢٤]: (ولو اقتصر على: "أعمرتك" .. فكذا في الجديد) أي: لم يذكر معه: (هي لك ولورثتك) لا أنه لم يذكر معه شيئًا آخر؛ فإنه لو ضم إليه: (هي لك عمرك، أو مدة عمرك، أو ما عشت، أو ما حييت) .. فالحكم كذلك.

٣٠٣٦ - قول "التنبيه" [ص ١٣٨]: (وإن قال: "جعلتها لك حياتك فإذا مت رجعت إليَّ" .. بطل في أحد القولين، وصح في الآخر، وترجع إليه بعد موته) الأصح: الصحة، ولا ترجع إلى الواهب، بل تكون لورثة الموهوب له، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (٣)، وهو المحكي في "المهذب" بدل الثاني (٤).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وليس لنا موضع يصح فيه العقد مع وجود الشرط الفاسد المنافي لمقتضاه إلا هذا. انتهى.


(١) فتح العزيز (٦/ ٣١١)، الروضة (٥/ ٣٧٠).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ١٣٨).
(٣) الحاوي (ص ٤٠٠)، المنهاج (ص ٣٢٤).
(٤) المهذب (١/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>