للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شروط المبيع خمسة، أشار إلى اعتبار ثلاثة منها، وهي: العلم به، والقدرة على تسليمه، والملك؛ لأنه إذا امتنع هبة ما لم يتم ملكه عليه .. فما لم يملكه أصلًا أولى بذلك.

وبقي: أن يكون طاهرًا، منتفعًا به، فلم يعتبرهما، وذلك يقتضي صحة هبة الكلب، وجلد الميتة قبل الدباغ، والخمرة المحترمة، وبه جزم النووي في الأواني من زيادته في الجلد (١)، لكن الذي في "الروضة" وأصلها هنا تصحيح المنع في الكل (٢)، وحط "الحاوي" الهبة على البيع، فقال [ص ٤٠٠]: (فيما يباع) وذلك يقتضي دورانها معه طردًا وعكسًا، وكذا في "الكفاية"، واستثنى "المنهاج" حبتي الحنطة، فقال [ص ٣٢٤]: (وما جاز بيعه .. جاز هبته، وما لا .. فلا، إلا حبتي الحنطة ونحوها) وهذا الاستثناء ليس في "المحرر"، وهو ساقط من بعض نسخ "المنهاج".

وقال شيخنا ابن النقيب: رأيته في أصل المصنف على الحاشية بخطه مصححًا عليه وفوقه (خ) إشارة إلى أنه نسخة، وقال في "الدقائق": إنه يصح قطعًا، قال شيخنا ابن النقيب: وكأنه سبق قلم أو وهم؛ ففي "شرح الرافعي" في تعريف اللقطة: أن ما لا يتمول؛ كحبة حنطة وزبيبة .. لا تباع ولا توهب، وأسقطه في "الروضة" لأنه في ضمن بحث. انتهى (٣).

والحق: الجواز، وإنما ذكرنا كلام الرافعي؛ ليعرف الخلاف في ذلك، وإليه مال السبكي؛ فإن الصدقة بثمرة تجوز، وهي نوع من الهبة، وحينئذ .. فيستثنى ذلك من كلام "الحاوي"، ودخل في قولهما: (ما جاز بيعه .. جاز هبته) المنافع؛ فإنها تباع بالإجارة، وفي هبتها وجهان حكاهما الرافعي عن "الجرجانيات" (٤).

وقال في "المهمات": ذكر الرافعي في الإقرار ما يرجح أنها إعارة؛ فإنه جعل قوله: (هذه الدار لك هبة سُكنى) إقرار بالعارية. انتهى (٥).

فقوله: (وهبتك سكناها) إنشاء للعارية، وجزم به الماوردي (٦)، ورجح السبكي الوجه الآخر، وقال: إنها على ما اقتضاه كلام ابن الرفعة هبة منافع لا تلزم إلا بالقبض، وقبضها باستيفائها، فيرجع متى شاء، وليس قبضها كما في الإجارة بقبض العين؛ لأن ذاك لأجل استقرار الأجرة والتصرف في المنفعة، ووافقه على ذلك شيخنا الإمام البلقيني، فحكى عن الشيخ


(١) انظر "الروضة" (١/ ٤٣).
(٢) فتح العزيز (٦/ ٣١٧)، الروضة (٥/ ٣٧٣، ٣٧٤).
(٣) السراج على نكت المنهاج (٤/ ٣٥١، ٣٥٢)، وانظر الدقائق (ص ٦٤).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٣١٥، ٣١٦).
(٥) انظر "فتح العزيز" (٥/ ٣٣٩).
(٦) انظر "الحاوي الكبير" (٧/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>