للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي حامد: أنه حكى عن الشافعي في القديم: أن كل ما (١) صح أن يلزم بالوصية بعد الوفاة .. جاز أن يلزم بالفعل حال الحياة أصله العتق، ثم قال: قيل له: يبطل بما إذا أوصى بخدمة عبد لرجل سنة؛ فإن هذا يلزم بالوصية بعد الموت، ومع هذا لا يلزم بفعله حال الحياة؛ لأنه لو ملكه منفعة عبد سنة بغير عوض .. لم يلزمه ... إلى آخر كلامه، قال شيخنا: فقوله: (قيل له) إما أن يكون للشافعي .. فيكون نصًا في مقصودنا، وإما أن يكون لأبي حامد وهو الأقرب .. فيكون جواب الشيخ يقتضي بقاء عموم كلام الشافعي، فيكون فيه إشارة إلى المسألة، قال شيخنا: والذي يظهر أنه يكون مأخوذًا على طريق الهبة، وأنه لا يلزم بمجرد إقباض الدار، بل ما استقر من المنافع .. يلزم فيه كهبة بعض المزوجات نوبتها، وفائدة ذلك، وأن لا تكون الدار عارية: أنها لو انهدمت .. لم يضمنها المتهب، هذا كلام شيخنا في حاشية "الروضة"، ولكن سماعي منه: أنه تمليك لمنافع الدار يلزم بقبض الدار، والحق: ما ذكره في حاشيته، وقبله السبكي، ويوافقه ما في "المهذب" في الإقرار: لو قال: هذه الدار هبة سُكْنَى .. له أن يمنعه من سكناها؛ لأنه هبة منافع لم يتصل بها القبض، فجاز الرجوع فيها. انتهى (٢).

على أن فيه إشكالًا، وهو: أن استيفاء المنافع إتلاف لها، فكيف يملكها بعد تلفها؟ .

٣٠٤٠ - قول "المنهاج" في أمثلة ما لا يصح بيعه ولا هبته [ص ٣٢٤]: (ومغصوب) يستثنى منه: ما إذا وهبه للغاصب أو لغيره ممن يقدر على انتزاعه منه .. فإنه يصح كالبيع، لكن كيفية الخلاف فيهما مختلفة، فإن وهبه لقادر على انتزاعه .. صح، أو لعاجز .. بطل في الأصح، وإن باعه لعاجز .. لم يصح، أو لقادر .. صح في الأصح، والفرق بينهما أن الهبة لا تملك إلا بالتسليم، وهو لا يجب حتى يمتنع فيما يمتنع تسليمه بخلاف البيع.

٣٠٤١ - قوله: (إن هبة الدين لغير المدين باطلة في الأصح) (٣)، عبر في "الروضة" بالمذهب (٤)، وصحح جماعة الصحة تبعًا لنص الشافعي، وهو مبني على بيعه لغير من هو عليه إن صح، وهو الأظهر في "الروضة" (٥)، فالهبة أولى، وإن بطل وهو الأظهر في "المنهاج" .. فوجهان، أصحهما: المنع، فإن صحت .. ففي لزومها قبل القبض وجهان، وقيد صاحب "البيان" وغيره الدين بأن يكون مستقرًا (٦)، وقيده بعضهم بأن يكون على مليء باذل.


(١) في النسخ: (كلما)، ولعله سبق فلم، والصواب ما أثبت.
(٢) المهذب (٢/ ٣٥٠).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٣٢٥).
(٤) الروضة (٥/ ٣٧٤).
(٥) الروضة (٥/ ٣٧١).
(٦) البيان (٨/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>