للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال السبكي: ولك أن تقول: الكتمان إنما يكون إذا طلب منه، فكتم، وبدونه لا يكون كتمانًا، ويبعد أن يجب لأجل غيره، وأقصى ما في الممكن أن يقال: يجب عليه إما التعريف أو رفع يده عنها، فمتى أوجبناه .. أمكن التخلص عنه بدفعها إلى الحاكم أو بطريق آخر. انتهى.

ويستثنى من ذلك: لقطة الحرم .. فيجب تعريفها قطعًا، قال في "الروضة" من زيادته: قال أصحابنا: ويلزم الملتقط لها الإقامة للتعريف أو دفعها إلى الحاكم، ولا يجيء هنا الخلاف السابق فيمن التقط للحفظ .. هل يلزمه التعريف؟ بل يجزم هنا بوجوبه؛ للحديث (١).

٣٠٨٥ - قول "المنهاج" [ص ٣٢٨]: (فلو قصد بعد ذلك خيانة .. لم يصر ضامنًا في الأصح) لا يختص ذلك بالملتقط للحفظ، بل لو التقط للتملك، ثم قصد الخيانة .. كان كذلك؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص ٤٠٣]: (وهو أمانة وإن قصد الخيانة بعد الأخذ)، أما لو فعل الخيانة فيه .. فإنه يصير ضامنًا بلا شك، ومهما صار ضامنًا في الدوام بالخيانة أو بقصدها ثم أقلع وأراد التعريف والتملك .. فله ذلك كما نقله الرافعي عن تصحيح البغوي، وقال: لكن إيراد "الوجيز" يشعر بترجيح مقابله؛ ويؤيده أنهم شبهوا الوجهين بالوجهين فيما إذا أنشأ سفرًا مباحًا ثم غيّر قصده إلى معصية .. هل يترخص؟ وميل الأصحاب إلى منع الترخص أشد. انتهى (٢).

وهو مشعر بترجيح المنع، لكن صحح في "أصل الروضة" الجواز (٣)، وهذه غير المسألة المذكورة في "المنهاج" بقوله [ص ٣٢٨]: (وليس له بعده أن يُعرِّف ويتملك على المذهب) تلك فيما إذا أخذ بقصد الخيانة من الأول.

٣٠٨٦ - قول "المنهاج" [ص ٣٢٩]: (ويعرف جنسها وصفتها وقدرها وعفاصها ووكائها) زاد "التنبيه" [ص ١٣٢]: (وعائها)، وفسر الجمهور العفاص: بأنه الوعاء، وقال الخطابي: أصله الجلد الذي يُلبَس رأس القارورة، ويتعين حمل كلام "التنبيه" عليه؛ لذكره الوعاء، وأهملا معرفة نوعها، وهذه المعرفة عقب الأخذ كما قاله المتولي وغيره، وأكثر الروايات صريحة فيه، وفي رواية لمسلم: "عرِّفها سنة، ثم اعْرفْ وكائها وعفاصها، ثم استنفق بها" (٤)، وهي دالة على تأخر هذه المعرفة عن التعريف، ويجمع بينهما: بأن هذا تعرّفٌ آخر عند إرادة التملك، فيندب له حينئذ أن يتحقق أمرها قبل التصرف فيها، وهذه المعرفة الأولى والثانية مستحبة.

٣٠٨٧ - قولهم: (ثم يعرفها) (٥) قد يفهم تعيين تعريفها بنفسه، وليس كذلك، بل له ذلك بما


(١) الروضة (٥/ ٤١٣).
(٢) فتح العزيز (٦/ ٣٦٠)، وانظر "الوجيز" (١/ ٤٣٤)، و"التهذيب" (٤/ ٥٤٧).
(٣) الروضة (٥/ ٤٠٧).
(٤) صحيح مسلم (١٧٢٢).
(٥) انظر "التنبيه" (ص ١٣٢)، و"الحاوي" (ص ٤٠٣)، و"المنهاج" (ص ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>