للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالابتداء، فمتى أشهد .. ثبتت له الولاية، ذكره السبكي، ويشهد له أن عبارة "البسيط": ومن يوجب الإشهاد يجعله شرطًا حتى يتخلف حكم الالتقاط وولاية الحضانة عند فقد الإشهاد، فكأنه يقول: هذه ولاية، فلا تثبت ما لم تستند إلى شهادة، ثم قال السبكي: ولا يبعد أن يقال: الوجوب على الفور، فمتى أخره .. فسق وخرج عن الأهلية، فلا يفيده الإشهاد بعد ذلك إلا أن يتوب، فيكون كالتقاط جديد. انتهى.

ومحل الخلاف: في الملتقط، أمّا من سَلم الحاكم له اللقيط .. فالإشهاد في حقه مستحب قطعًا، ذكره الماوردي وغيره (١).

٣١٠٨ - قول "الحاوي" [ص ٤٠٥]: (وحضانته لحرٍّ مسلمٍ عدلٍ رشيدٍ) زاد "المنهاج" [ص ٣٣١]: (التكليف) ليخرج الصبي والمجنون، وهو مفهوم من العدالة، وقال "التنبيه" [ص ١٣٤]: (وإن التقطه حرٌ أمين مسلم مقيم .. أقر في يده)، فلم يذكر الرشد، وقال في "الكفاية": إنه لم يذكر العدالة أيضًا، وليس كذلك؛ فالأمانة بمعنى العدالة، وفي (الوقف) من الرافعي: شرط الناظر: الأمانة، وفي "المنهاج": العدالة (٢)، فدل على ترادفهما.

قال السبكي: والأكثرون اشترطوا العدالة أو الستر، والرافعي اقتصر على العدالة (٣).

قلت: لم يُرد إلا العدالة الظاهرة التي يدخل تحتها الستر؛ بدليل قوله بعده: وأما من ظاهر حاله الأمانة إلا أنه لم يختبر .. فلا ينتزع من يده، لكن يوكل به القاضي من يراقبه بحيث لا يعلم؛ لئلا يتأذى، فإذا وثق به .. صار كمعلوم العدالة، ثم قال بعده: من ظهرت عدالته بالاختبار .. يقدم على المستور على الأصح (٤).

وقال الماوردي فيمن يوثق به على نفسه دون ماله: أنه يقر في يده، وينزع المال، وفي عكسه: لا يقر، وفي نزع المال وجهان. انتهى (٥).

ومقتضاه: أن الإنسان قد يكون أمينًا في شيء دون شيء، وقال السبكي: لعل المراد المستور: المنحط عن درجة العدالة، فإذن الفاسق ليس بأهل جزمًا، وإنما التردد في المستور، ولا يخفى أن اشتراط الإسلام في الملتقط محله: في اللقيط المحكوم بإسلامه، فللكافر التقاط الكافر، وقد صرح به "الحاوي" (٦).


(١) انظر "الحاوي الكبير" (٨/ ٣٧).
(٢) فتح العزيز (٦/ ٢٩٠)، المنهاج (ص ٣٣١).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٣٨١).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٣٨١).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (٨/ ٢١).
(٦) الحاوي (ص ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>