للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نادر؛ فهو أعم من الهبة (١)، واختار السبكي أنه يملك النادرة أيضاً، ودخل في عبارتهما قوله: (أوصيت لك بمنافعه حياتك)، والمجزوم به في "الروضة" وأصلها هنا: أنه ليس تمليكاً، وإنما هو إباحة (٢)، فليس له الإجارة، وفي الإعارة وجهان، وجزما في نظيره من (الوقف) بمنع الإعارة، وذلك يقتضي ترجيحه هنا، لكن ذكر الرافعي في (الإجارة) أن له الإجارة في هذه الصورة، وصوبّه في "المهمات" وقال: إنه نظير الوقف على زيد ثم عمرو؛ فإن كلاً منهما يملك المنفعة مع التقييد بحياته.

٣٢٧١ - قول "المنهاج" [ص ٣٥٧]: (وكذا مهرها في الأصح) تبع فيه "المحرر" (٣)، وحكاه في "الشرح" عن العراقيين والبغوي، ثم حكى عن المراوزة: أنه لورثة الموصي، قال: وهذا أشبه وأظهر على ما ذكره الغزالي (٤)، والتعبير بالأشبه لم يذكره الغزالي، فهو ترجيح من الرافعي، وقد صرح بترجيحه في "الشرح الصغير" من غير عزو للغزالي، وتبعه "الحاوي" فقال عطفاً على الهبة [ص ٤٢٩]: (وعُقر الجارية)، وفي "المهمات": أن الراجح نقلاً ما في "المحرر"، واختاره السبكي، قال الرافعي: ولم يفرقوا بين الوصية بالمنفعة والكسب والخدمة والغلة، والأحسن: أنها بالمنفعة تفيد استحقاق خدمة العبد وسكنى الدار، وبالخدمة والسكنى لا تفيد استحقاق سائر المنفع، كما لايفيد استئجاره للخدمة تكليفه البناء والكتابة ولا للسكنى عمل الحديد، والقصارة، وطرح الزبل، ولا يبعد أنه مرادهم، بل ينبغي أنها بالغلة والكسب لا تفيد السكنى والركوب والاستخدام، وبواحد منها لا يفيد الغلة والكسب، وهذا يوافق الوجه السابق عن الحناطي والعبادي؛ فإن الغلة فائدة عينية (٥)، والمنفعة تطلق في مقابلة العين، فيقال: الأموال تنقسم إلى أعيان ومنافع (٦).

قال السبكي: وكله حسن ينبغي القطع به، إلا قوله: وبواحد منها لا يفيد الغلة والكسب؛ فإن الغلة فائدة عينية؛ لأنه يناقض قوله في الأكساب المعتادة: إنها للموصى له؛ فإنها أبدال منافعه، والوجه الذي أشار إليه ضعيف، فكيف يعتضد به ما اختاره؛ والوجه عندي: أنها بالمنافع تفيد الغلة والكسب، وبالركوب والاستخدام لا تفيدهما، وبهما لا تفيد السكنى والركوب والاستخدام؛ لقول الرافعي: بل ما يتحصل منهما فقط. انتهى.


(١) المنهاج (ص ٣٥٧).
(٢) فتح العزيز (٧/ ١١٠)، الروضة (٦/ ١٨٧).
(٣) المحرر (ص ٢٧٤).
(٤) فتح العزيز (٧/ ١١١).
(٥) في النسخ: (عينه)، ولعل الصواب ما أثبت.
(٦) انظر "فتح العزيز" (٧/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>