للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيأخذها أصحابها، وإنما يوصى فيما يحتاج إلى نظر واجتهاد؛ كالوصية للفقراء (١).

قال الرافعي: وهو موضع توقف نقلاً ومعنى، أما المعنى: فخوف خيانة الوارث، والنقل قولهم: إن وصى إلى فاسق .. ضمن (٢).

قال ابن الرفعة: وفائدتها في الأعيان في غيبة الموصى له، وفي حال تعذر القبول، فيكون تحت يد الموصي، ولولا الوصاية .. لكانت عند الحاكم. وقال السبكي: هي قبل القبول ملك للوارث، فله الامتناع من دفعها إلى الوصي، فيأخذها الحاكم إلى أن يستقر أمرها، ومع هذا: فللوصي مطالبة الوارث بتنفيذها حضر الموصى له أو غاب، فهذه فائدة، وأما العواري والودائع والغصوب .. ففائدة الوصية بها: مطالبة الوصي بها؛ ليبرأ الميت منها.

خامسها: اقتصر "المنهاج" و"الحاوي" و"الروضة" على الأطفال (٣)، وكذا اقتصر عليه "التنبيه"، إلا أنه ذكره مثالاً (٤)، ولا يختص الحكم بهم؛ فالمجنون كذلك، وقد صرح به الرافعي في آخر كلامه، فقال: ثم الحكم غير منوط بخصوص الطفولية، بل المجنون كالصغير في أنه تجوز الوصاية في أمره (٥)، وظن في "المهمات" أن الرافعي لم يذكر ذلك، فحكاه عن القاضي أبي الطيب وغيره، قال: وصرح مجلي في "الذخائر" بصحتها على السفيه.

قلت: وذكره شيخنا الإمام البلقيني في "حاشية الروضة" مجزوماً به من غير عزو لأحد.

٣٣٠٢ - قول "التنبيه" [ص ١٣٩]: (ولا تصح الوصية إلا إلى حر مسلم بالغ عاقل عدل) فيه أمران:

أحدهما: أن اعتبار الإسلام يقتضي أنه لا تصح الوصية إلى ذمي، وهو كذلك إذا كان الموصي مسلماً، لكن في "المهمات": أنه لو كان المسلم وصياً على ذمي، وفوض إليه الموصي أن يوصي عليه .. فالمتجه: جواز إسناد الوصية عليه إلى ذمي مثله، أما إذا كان الموصي ذمياً .. فإنه تصح وصايته إلى ذمي؛ ولذلك قال "المنهاج" بعد اشتراط الإسلام [ص ٣٥٨]: (لكن الأصح: جواز وصية ذمي إلى ذمي)، وفي "الحاوي" [ص ٤٣٧]: (مسلم إن صدر منه)، أي: فإن صدر من ذمي .. فلا، ويشترط حينئذ: أن يكون عدلاً في دينه.

وقال الإمام: لا يتبين لنا أنه عدل في دينه مع أنا لا نطلع على شرائعهم إلا من جهتهم، ونحن لا نثق بإخبارهم عن قواعد شرعهم، فيغمض مُدرَك هذا، ويعسر بسببه تزويج الكافر، إلا أن


(١) انظر "نهاية المطلب" (١١/ ٣٥٦).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٢٧٧).
(٣) الحاوي (ص ٤٣٧)، المنهاج (ص ٣٥٨)، الروضة (٦/ ٣١١).
(٤) التنبيه (ص ١٤٤).
(٥) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>