للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: في معنى المرض المخوف: الحبس ليقتل كما في "الروضة" وأصلها (١)، وهذا مخالف لكلامهم في الوصية؛ حيث عدوا من المخوف: التقديم للقتل؛ فمقتضاه: أن ما قبل ذلك من الحبس ليس مخوفاً.

قال شيخنا الإمام البلقيني: ويمكن أن يفرق بأن وقت التقديم للقتل وقت دهشة، فلو قلنا: له أن يؤخر الوصية إليه ثم تركها وضمناه .. لم يوف له بعذر الدهشة، وإن قلنا: يؤخر ثم إذا ترك لايضمن .. لكنا مضيعين لحق مالك الوديعة، فمن أجل ذلك جعل وقت وصيته ما ذكره الأصحاب، وأما كونه في هذه الحالة لا يحسب تبرعه من الثلث؛ فلأنه بدنه صحيح ولم يغلب على ظنه حصول الهلاك، بخلاف ما إذا قدم .. فإنه يغلب ذلك، فكان تبرعه فيه من الثلث. انتهى.

ثانيها: أنه جعل الأمين في مرتبة الحاكم مع أنه لا يسلم للأمين إلا عند تعذر الحاكم، فكان ينبغي أن يقول: (وإلا .. فأمين).

ثالثها: قوله: (أو يوصي بها) (٢) أي: إلى الحاكم عند إمكانه، فإن تعذر .. فإلى أمين، فهو مخير عند القدرة على الحاكم بين الدفع إليه والوصية، وعند العجز عنه بين الدفع إلى الأمين والوصية له، والمراد بالإيصاء: أن يعلم بها ويصفها بما يتميز به أو يشير إلى عينها ويأمر بالرد إن مات، ولا بد مع ذلك من الإشهاد كما حكاه الرافعي عن الغزالي، وأسقطه من "الروضة" (٣)، وجزم به في "الكفاية" (٤).

رابعها: قوله: (فإن لم يفعل .. ضمن) قال الرافعي: والتقصير إنما يتحقق بترك الوصاية إلى الموت، فلا يحصل التقصير إلا إذا مات، لكن تبينا عند الموت أنه كان مقصراً من أول المرض، فضمّنَّاه، أو يكون التلف الحاصل بعد الموت ملحقاً بالتردي في بئر حفرها متعدياً (٥)، وأسقط هذا الكلام من "الروضة" (٦).

وقال في "المهمات": ليس كذلك، بل بمجرد المرض يصير ضامناً إذا لم يوص، حتى لو تلفت في حياته في مرضه أو بعد صحته .. وجب ضمانها.

وقال السبكي: تبيُّن الضمان من أول المرض لم أره لغير الرافعي، ويلزمه أنها إذا تلفت من غير


(١) فتح العزيز (٧/ ٢٩٦)، الروضة (٦/ ٣٢٩).
(٢) انظر "المنهاج" (ص ٣٦١).
(٣) فتح العزيز (٧/ ٢٩٧)، الروضة (٦/ ٣٢٩).
(٤) في حاشية (ج): (ويشترط أيضاً: أن يوصي إلى أمين، فإن أوص إلى فاسق .. كان كمن لم يوص، فيضمن).
(٥) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٢٩٦).
(٦) الروضة (٦/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>