للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تفريط في مدة المرض .. تكون من ضمانه، وهو بعيد؛ لأن الموت كالسفر .. فلا يتحقق الضمان إلا به.

خامسها: قوله: (إلا إذا لم يتمكن؛ بأن مات فجأة) (١) استثناء منقطع؛ فإنه لم يدخل في قوله: (وإذا مرض مخوفاً)، فلو لم يوص فادعى صاحبها أنه قصر، وقالت الورثة: لعلها تلفت قبل أن ينسب إلى التقصير .. قال الإمام: فالظاهر: براءة الذمة (٢)، كذا حكاه عنه الرافعي والنووي (٣).

وتعقبه في "المهمات" بأن الإمام إنما قال هذا عند جزم الورثة بالتلف، فأما عند ذكرهم له احتمالاً .. فإنه صحح الضمان، وصحح السبكي أنه لا يقبل قولهم في دعوى التلف والرد إلا ببينة، خلاف ما قال الرافعي: أنه الوجه. وعبارة "الحاوي" [ص ٤٣٨]: (كأن مات - لا فجأة - بلا إيصاء مميزٍ إلى عدلٍ) فسوى بين الحاكم وغيره من العدول مع أن الحاكم مقدم كما تقدم، ولم يذكر سوى الإيصاء، ومثله: الرد، ولعله مفهوم من طريق الأولى.

وقال بعضهم: يؤخذ من هذا التشبيه تقديم الرد إلى الحاكم ثم العدل على الإيصاء كما ذكره في السفر الذي شبهه به، وليس كذلك، بل الإيصاء كالرد إليهما، والحق: أنه ليس في عبارته إشعار بذلك، وإنما شبه الضمان عند السفر مع القدرة على من ذكره بالضمان عند الموت بلا إيصاء.

٣٣٣٧ - قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن قال: "احفظ في هذا الحرز" فنقله إلى ما دونه .. ضمن) لا يختص ذلك بتعيين الحرز، بل لو استحفظه الوديعة وهو في دار فنقلها إلى ما دونها في الحرز .. ضمن وإن لم يقل: (احفظها في هذه الدار) ولذلك أطلق "المنهاج" و"الحاوي" أنه إذا نقل إلى حرز دون التي كانت فيه .. ضمن (٤)، وهذا الذي ذكرته هو الذي يدل عليه كلام "الروضة" وأصلها في السبب الرابع: نقل الوديعة والسبب السابع: المخالفة في الحفظ، لكنه قال في السبب الثامن: لو جعلها في أحرز من حرز مثلها ثم نقلها إلى حرز مثلها .. فلا ضمان (٥).

وهذا بظاهره يخالف ما تقدم، إلا أن يقال: صورة ما تقدم أن يكون الجميع حرزاً لمثله إلا أن بعضها أحرز من بعض، وهذا الكلام الأخير فيما لا يحرز مثله في مثله أصلاً، فلو نقل من بيت إلى بيت في دار واحدة أو خان واحد .. فلا ضمان، وإن كان الأول أحرز منهما .. كان الثاني حرزاً له أيضاً، قاله البغوي (٦).


(١) انظر "المنهاج" (ص ٣٦١).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (١١/ ٣٩٨، ٣٩٩).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٢٩٨)، و"الروضة" (٦/ ٣٣٠).
(٤) الحاوي (ص ٤٣٨)، المنهاج (ص ٣٦١).
(٥) فتح العزيز (٧/ ٣١٠)، الروضة (٦/ ٣٣٩).
(٦) انظر "التهذيب" (٥/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>