للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ضمان، وإن كانت في حرز في البنيان .. فلا ضمان مطلقاً، وقال الرافعي فيما إذا سرقت من جانبها في الصحراء: إنما يظهر الضمان إذا أخذت من جانب لو لم يرقد فوقه لرقد هناك؛ بأن كان يرقد قدام الصندوق، فتركه، فانتهز السارق الفرصة، أو أمره بالرقاد قدامه، فرقد فوقه، فسرق من قدامه، وقد تعرض لهذا القيد متعرضون. انتهى (١).

وقد ذكر "المنهاج" الأولى فقال [ص ٣٦٢]: (فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه .. ضمن وإن تلف بغيره .. فلا على الصحيح) وترد عليه الثانية، وذكرهما "الحاوي" فقال [ص ٤٣٩]: (أو خالف فتلف به؛ كأن رقد عليه بنهيه وسُرق في الصحراء من جنب يرقد هناك).

٣٣٤٥ - قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن قال: "اربطها في كمك" فأمسكها في يده .. ففيه قولان، أحدهما: يضمن، والثاني: لا يضمن) قال في "المنهاج" [ص ٣٦٢]: (فالمذهب: أنها إن ضاعت بنوم ونسيان .. ضمن، أو بأخذ غاصب .. فلا) وهذه طريقة المراوزة نزلت النصين على حالين، ولفظ النص في "عيون المسائل" مصرح به، ولو قال: (أو نسيان) كما في "المحرر" .. لكان أحسن (٢).

وكلامه يقتضي أن الغصب ضياع أيضاً، لكن عبارة "الحاوي" [ص ٤٣٩]: (وضاع، لا إن غصب) ومقتضاها: أن الغصب ليس ضياعاً، وهو أقرب، والضياع قد يكون بنوم وقد يكون بنسيان، وصورة المسألة: إذا لم ينهه عن الحفظ في اليد، فإن نهاه .. خرجه الإمام على النقل عند النهي إلى أحرز.

٣٣٤٦ - قول "المنهاج" [ص ٣٦٢]: (ولو جعلها في جيبه بدلاً عن الربط في الكم .. لم يضمن) قد يقال: إنه أحسن من قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن قال: "احفظها في كمك" فجعلها في جيبه .. لم يضمن) لإيهامه أن المراد: الحفظ في الكم بدون ربط، وقد يقال: عبارة "التنبيه" أحسن؛ لأنها تشمل الحفظ بربط وغيره، وفي الصورتين الجعل في الجيب أحرز، بخلاف "المنهاج" فإن فيه مسألة الربط فقط، لكن الأخرى تفهم من طريق الأولى.

ويستثنى من عدم الضمان: ما إذا كان الجيب واسعاً غير مزرور، ونازع شيخنا الإمام البلقيني فيما ذكروه من عدم الضمان، وقال: الجيب وإن ضاق ليس أحرز من الربط في الكم؛ لأن الجيب قد تتسرب الفضة منه بتقلب في نوم ونحوه، وقد تؤخذ، وهل المراد بالجيب: فتحة القميص كما ذكره الجوهري وغيره من أهل اللغة، ويوافقه كلام أصحابنا في ستر العورة في الصلاة، وهو معتاد عند المغاربة، أو الجيب المتعارف ببلادنا؟ لم أر به تصريحاً.


(١) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٣٠٧، ٣٠٨).
(٢) المحرر (ص ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>