للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومفهوم كلامهما: أنه لو امتثل فربطها في كمه .. لم يضمن، وفيه تفصيل، وهو أنه إن جعل الخيط الرابط خارجاً فضاعت بأخذ الطرار (١) .. ضمن، أو بالاسترسال .. فلا ضمان، وإن جعله داخلاً .. انعكس الحكم، فإن ضاعت بأخذ الطرار .. لم يضمن، أو بالاسترسال .. ضمن، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص ٤٣٩]: (أو ربط خارجاً فأخذ الطرار، أو داخلاً فضاع، لا بالعكس).

واستشكله الرافعي: بأن المأمور به مطلق الربط وقد أتى به؛ ولأنه لو قال: (احفظ في هذا البيت) فوضعها في زاوية منه فانهدمت على الوديعة .. ينبغي أن يضمن؛ لأنها لو كانت في زاوية غيرها .. لسلمت، ومن المعلوم أن تضمينه بعيد (٢).

وفرق ابن الرفعة: بأن جهات الربط مختلفة وجهات البيت مستوية، فإن فرض اختلافها في البناء أو القرب من الشارع ونحوه .. فقد نقول: يختلف الحكم، ثم قال: والحق: أن استشكال الرافعي على وجهه؛ لأن الربط في الكم حرز كيف كان، ولا يجب الحفظ في الأحرز، قال الشافعي: ولو وضع الوديعة في حرز وغيره أحرز منه وهلكت .. لم يضمن. انتهى (٣).

وقد فرق بين الربط والحفظ في البيت بفرقين:

أحدهما: أن الربط من فعله وهو حرز من وجه دون وجه، وقوله: (اربط) مطلق لا عام، والبيت عام، فإذا جاء التلف في الربط بالسبب الذي اختاره وفعله ولا عموم في كلام المالك يشمله .. ضمن، بخلاف زوايا البيت.

الثاني: أن الربط ليس كافياً على أي وجه فرض، بل لا بد من تضمنه الحفظ؛ ولهذا لو ربط ربطاً غير محكم .. ضمن وإن كان لفظ الربط يشمل المحكم وغيره، ولفظ البيت متناول لكل من زواياه، والعرف لا يخصص موضعاً من البيت.

٣٣٤٧ - قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن قال: "احفظها في جيبك" فجعلها في كمه .. ضمن) قد يفهم أن المراد: جعلها في كمه بغير ربط؛ ويدل لذلك التعليل بأنه قد يرسل الكم فتسقط، وتعبير "المنهاج" بقوله [ص ٣٦٢]: (وبالعكس .. يضمن) يقتضي أن صورة المسألة: أنه ربطها في كمه؛ لأن المسألة التي هذه عكسها صورتها: أن يقول: (اربطها في كمك) فيجعلها في جيبه.

٣٣٤٨ - قول "المنهاج" [ص ٣٦٢]: (ولو أعطاه دراهم بالسوق ولم يبين كليفية الحفظ فربطها في كمه وأمسكها بيده) مفهومه أنه لو اقتصر على الربط من غير إمساك .. ضمن، وقياس ما سبق: النظر إلى كيفية الربط وجهة التلف.


(١) الطرَّار: هو الذي يقطع النفقات ويأخذها على غفلة من أهلها. انظر "المصباح المنير" (٢/ ٣٧٠).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٣٠٩).
(٣) انظر "الأم" (٤/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>