وذكر السبكي: أن ما حكاه الإمام عن العراقيين موجود في كتبهم، قال: وهو المختار، وبه وبغيره يتبن أنها داخلة في الغنيمة والفيء، لكنها لا تقوم ولا تحسب على أخذها بمال، وقال: أن فرق ابن الرفعة صحيح ولا يمنع أصل الإلحاق.
ثانيهما: أنه اعتبر في حصول اسم الفيء انتفاء القتال وإيجاف الخيل والركاب، وهذا يصدق بانتفاء المجموع وبانتفاء كل واحد على انفراده، والثاني هو المراد؛ فإن واحداً من هذه الثلاثة كاف في حصول اسم الغنيمة، فلا يكون فيئاً حتى ينتفي الثلاثة، فكان ينبغي أن يقول:(ولا إيجاف خيل ولا ركاب)، وقال السبكي: اجتماع الخيل والإبل ليس بشرط، بل أحدهما كاف في انتفاء حكم الفيء؛ ولذلك قال تعالى:{وَلَا رِكَابٍ} فدل على أنه لو كان أحدهما .. يغير الحكم، فإذاً (الواو) في كلام المصنف بين الخيل والركاب بمعنى (أو)، ثم ذكر في (الواو) التي بين القتال وإيجاف ما حاصله: أنها محتملة لمعنى (أو) ولمعنى (الواو) الجامعة.
قلت: إنما طهر كون (الواو) بمعنى (أو) في جانب الإثبات في حد الغنيمة، وأما في جانب النفي في حد الفيء .. فالواو على بابها، والمراد: انتفاء كل واحد على انفراده كما تقدم، وفهم من قول "الحاوي" في الغنيمة [ص ٤٤٤]: (ما حصل بإيجاف خيل) أن قوله أولاً في الفيء [ص ٤٤٢]: (ما حصل من الكفار) أراد به: بلا إيجاف خيل؛ لما استقرئ من عادته من حذف القيد أولاً اكتفاء بذكره ثانياً في ضده، وقال في "التنبيه"[ص ٢٣٦]: (كل مال أخذ من الكفار من غير قتال) ولم يزد على ذلك.
وقال شيخنا ابن النقيب: هذا هو الذي يظهر، لكن ينبغي زيادة:(أن يكون على سبيل الغلبة) ليخرج ما يعطونه بطيب نفس؛ كالهدية والبيع ونحوهما، وحينئذ .. فالواو في "المنهاج" وغيره بمعنى (أو) أي: ما حصل منهم عند انتفاء أحد الثلاثة الذي هو أعم من كل واحد واحد، ويلزم من انتفاء الأعم انتفاء الأخص؛ لأن الأعم جزء الأخص كما ينتفي الإنسان بانتفاء الحيوان (١).
٣٣٦٤ - قول "التنبيه"[ص ٢٣٦]: (كالمال الذي تركوه فزعاً من المسلمين) أخص من قول "المنهاج"[ص ٣٦٤]: (وما جلوا عنه خوفاً) ويرد عليهما المال الذي جلوا عنه لضر أصابهم، وإن لم يكن خوفاً .. فإنه فيء أيضاً بلا خلاف، واختلفوا في تخميسه، والصحيح: أنه يخمس.
٣٣٦٥ - قول "التنبيه"[ص ٢٣٦]: (وفيها قولان، أحدهما: أنها تخمس فيصرف خمسها إلى أهل الخمس، والثاني: لا يخمس إلا ما هربوا عنه فزعاً من المسلمين) الصحيح: الأول، وبه