للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٧٦ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٦]: (ومن مات منهم .. دفع إلى ورثته وزوجته الكفاية) المراد: أولاده الذين تلزمه نفقتهم، لا مطلق الورثة؛ ويدل لذلك قوله بعده: (فإن بلغ الصبي فاختار أن يفرض له .. فرض، وإن لم يختر .. ترك) (١) وعبارة "المنهاج" [ص ٣٦٥]: (وكذا زوجته وأولاده إذا مات فتعطى الزوجة حتى تنكح، والأولاد حتى يستقلوا) وقد تفهم عبارتهما الاقتصار على زوجة واحدة، وليس كذلك؛ ولهذا قال "الحاوي" بعد ذكر إعطاء زوجاته وولده [ص ٤٤٣]: (وإن مات إلى أن تُنكح النساء ويستقل البنون) واستنبط السبكي من هذه المسألة أن الفقيه أو المعيد أو المدرس إذا مات .. تعطى زوجته وأولاده مما كان يأخذ ما يقوم بهم ترغيباً في العلم كالترغيب هنا في الجهاد، فإن فضل المال عن كفايتهم .. صرف الباقي لمن يقوم بالوظيفة، قال: فإن قيل: في هذا تعطيل لشرط الواقف إذا اشترط مدرساً بصفة .. فإنها غير موجودة في زوجته وأولاده.

قلنا: قد حصلت تلك الصفة مدة من أبيهم، والصرف لهؤلاء بطريق التبعية، ومدتهم مغتفرة في جنب ما مضى كزمن البطالة، قال: وإنما يمتنع تقرير من ليس بأهل للجهاد في الديوان أو إثبات اسم الزوجة والأولاد.

قال شيخنا ابن النقيب: قد يفرق بينهما بأن العلم محبوب للنفوس لا يصد عنه شيء فيوكل الناس فيه إلى ميلهم إليه، والجهاد مكروه للنفوس فيحتاج الناس في إرصاد أنفسهم له إلى التأليف، وإلا .. فمحبة الزوجة والولد قد تصد عنه (٢).

قلت: وفرق آخر، وهو: أن الإعطاء من الأموال العامة - وهي أموال المصالح - أقوى من الخاصة كالأوقاف، فلا يلزم من التوسع في تلك التوسع في هذه؛ لأنه مال معين أخرجه شخص لتحصيل مصلحة نشر العلم في هذا المحل المخصوص، فكيف يصرف مع انتفاء الشرط؟ ومقتضى هذا الفرق: الصرف لأولاد العالم من مال المصالح كفايتهم كما كان يصرف لأبيهم، ومقتضى الفرق الأول: عدمه، والله أعلم.

٣٣٧٧ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٦]: (وإن كان في مال الفيء أراض وقلنا: إنها للمصالح .. صارت وقفاً تصرف غلتها إليها، وإن قلنا: إنها للمقاتلة .. قسمت بينهم، وقيل: تصير وقفاً وتقسم غلتها بينهم) قد عرفت أن الأصح: أن خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها للمقاتلة، والأصح في حصة المقاتلة: أن الإمام مخير بين وقفها وقسمة ريعها بينهم وبيعها وقسمة ثمنها وقسمتها هي، وأما حصة الخمس .. فسهم المصالح لا سبيل إلى قسمته، بل يوقف وتصرف غلته في المصالح، أو يباع ويصرف ثمنه إليها، والوقف أولى، والأسهم الباقية كالأخماس الأربعة،


(١) انظر "التنبيه" (ص ٢٣٦).
(٢) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٥/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>