للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له شروط، وفيه تفصيل، وأما جوازه لجائز التصرف .. فلا شرط له ولا تفصيلى فيه، وهذا التفصيل بين الحاجة وعدمها ليس للجواز، بل لقدر زائد عليه من الكراهة أو الاستحباب، فالتقييد بجواز التصرف ليس لأجل هذا التفصيل، بل للجواز المطلق، وهذا التفصيل زيادة على ما اقتضاه المفهوم

ثالثها: أطلق الكراهة لغير المحتاج، ومحله في صورتين:

إحداهما: إذا فقد الأهبة.

الثانية: إذا وجدها لكن كانت به علة؛ كهرم أو مرض دائم أو تعنين، فأما إذا وجد الأهبة ولا علة به .. فلا يكره له النكاح، لكن التخلي للعبادة أفضل، فإن لم يتحبد .. فالنكاح أفضل في الأصح، وقد ذكر ذلك " المنهاج "، لكنه عبر بقوله: (العبادة أفضل) (١) واستصعب السبكي كون الخلاف بيننا وبين الحنفية في أن العبادة أفضل أو النكاح، ورأى أن العبادة أفضل قطعًا، وقال: إنما محل الخلاف: التخلي للعبادة، وهي عبارة الجمهور؛ أي: جحل نفسه بالمرصاد لها، فنحن نقول: هو أفضل، والحنفية يقولون: النكاح أفضل، فالصواب: التعبير: بأن التخلي للعبادة أفضل كما عبرت به، ثم استثنى السبكي من قول أصحابنا: أن النكاح ليس عبادة: نكاح النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإنه عبادة قطعًا، ومن فوائده: نقل الشريعة المتعلقة بما لا يطلع عليه الرجال، ونقل محاسنه الباطنة؛ فإنه مكمل الظاهر والباطن، وقال السبكي أيضًا: لم يزد الشافعي على أنه يُحِبُّ تركه، ومحبة الترك لا تقتضي الكراهة.

رابعها: أطلق الاستحباب عند الحاجة، وشرطه: أن يجد مع ذلك أهبة النكاح كما صرح به " الحاوي " (٢) و " المنهاج " وقال: (فإن فقدها .. استحب تركه) (٣)، وكذا في " تصحيح التنبيه " (٤)، وفي " شرح مسلم ": أن النكاح في هذه الحالة مكروه، وهو أبلغ في طلب الترك (٥)، وعبارة " المحرر " و " الروضة ": (الأولى: ألَّا ينكح) (٦)، وقال شيخنا ابن النقيب: وهي دون عبارة " المنهاج " و " التصحيح " في الطلب، وفيه نظر؛ فلا يظهر فرق بين قولنا: يستحب ترك النكاح وقولنا: الأولى: ترك النكاح، ثم قال ابن النقيب: وليس في الحديث تعرض للندب ولا للأولوية، إنما اقتضى عدم الطلب لا طلب العدم، فلو قال: (فإن فقدها .. لم


(١) المنهاج (ص ٣٧٢).
(٢) الحاوي (ص ٤٥٣).
(٣) المنهاج (ص ٣٧٢).
(٤) تصحيح التنبيه (٢/ ٧).
(٥) شرح مسلم (٩/ ١٧٤).
(٦) المحرر (ص ٢٨٨)، الروضة (٧/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>