للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كالبالغ) قال الرافعي: معناه: أنه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه كما أنه يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعًا، وأما الصبي .. فلا تكليف عليه (١)، وقال النووي: إذا جعلناه كالبالغ .. لزم الولي أن يمنعه النظر كالزنا وكل محرم (٢)، وقال الإمام: إن لم يبلغ أن يحكي ما يراه .. فهو كالعدم، وإن بلغه دون ثوران شهوة .. فهو كالمحرم، وإن كان .. فكالبالغ الأجنبي (٣)، وحينئذ .. فلا ينبغي التعبير بعبارة تقتضي التحريم، فلو عبر بالمنع .. لكان أحسن.

٣٤٨٦ - قول " المنهاج " [ص ٣٧٣]: (ويحرم نظر أمرد بشهوة) فيه أمور:

أحدها: أنه لا معنى لتخصيص تحريم النظر بشهوة بالأمرد؛ فالملتحي يحرم النظر إليه بشهوة أيضًا، وقد قال قبل ذلك: (ويحل نظر رجل إلى رجل) (٤) ولما ذكر الشهوة .. قيد بالأمرد، وذلك يقتضي أن الكلام الأول على إطلاقه؛ وكأنه إنما ذكر ذلك توطئة لما بعده من تحريم النظر إليه بغير شهوة أيضًا.

ثانيها: قال السبكي: المراد من الشهوة: أن يكون النظر لقصد قضاء وطر فيها، بمعنى: أن الشخص يحب النظر إلى الوجه الجميل ويلتذ به، قال: فإذا نظر ليلتذ بذلك الجمال .. فهو النظر بشهوة، وهو حرام، قال: وليس المراد: أن يشتهي زيادة على ذلك من الوقاع ومقدماته؛ فإن ذلك ليس بشرط بل زيادة في الفسوق، قال: وكثير من الناس لا يقدمون على فاحشة ويقتصرون على مجرد النظر والمحبة، ويعتقدون أنهم سالمون من الإثم، وليسوا سالمين.

ثالثها: لا يختص التحريم بحالة الشهوة، بل لو انتفت وخيف الفتنة .. حرم النظر أيضًا كما حكاه الرافعي عن الأكثرين (٥)، ولهذا قال " الحاوي " عطفًا على الجائز [ص ٤٥٣]: (وأمرد بغير شهوة وأمن) أي: ومع الأمن، وقد تفهم عبارته أنه معطوف على شهوة؛ أي: بغير شهوة وبغير أمن، وليس كذلك؛ فهو إما معطوف على (غير) أو (الواو) فيه بمعنى: (مع).

رابعها: قوله من زيادته: (وكذا بغيرها في الأصح المنصوص) (٦) نازعه في " المهمات " في العَزْوِ للنص، وقال: الصادر من الشافعي على ما بينه في " الروضة ": إنما هو إطلاق يصح حمله على حالة الشهوة.


(١) انظر " فتح العزيز " (٧/ ٤٧٣).
(٢) انظر " الروضة " (٧/ ٢٢).
(٣) انظر " نهاية المطلب " (١٢/ ٣٦).
(٤) المنهاج (ص ٣٧٣).
(٥) انظر " فتح العزيز " (٧/ ٤٧٦).
(٦) المنهاج (ص ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>