للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في " المهمات ": إن الاقتصار على الوجه غير مستقيم؛ فقد تقدم أنه يجوز النظر إلى الكفين عند الأكثرين لا لحاجة، فكيف مع هذه الحاجة؟ وهو مردود، وكيف ينظر زيادة على الوجه وهو غير محتاج إليه؟ ! فإن المعرفة بالوجه خاصة.

ثانيها: محل ذلك: عند أمن الفتنة، فلو خافها .. قال الرافعي في (الشهادات): يشبه أن يقال: إن لم يتعين .. لم ينظر، وإن تعين .. فينظر ويضبط نفسه. انتهى (١).

ولم يتعرضوا لما إذا انضم لخوف الفتنة قيام الشهوة، وقال السبكي فيما إذا تعين: هو مشكل، والذي أراه: أنه ينظر؛ فإن عصم، وإلا .. وقع في الإثم، وجعله ذا وجهين: يأثم بالشهوة، ويؤجر بالتحمل، وحكى في " التوشيح ": جواز النظر مع الشهوة عند التعين عن الماوردي والرا فعي وابن الرفعة، والظاهر أنه وهم.

ثالثها: ما ذكره في جواز النظر للتعليم يخالفه ما سيأتي في " المنهاج " في (الصداق): أنه لو أصدقها تعليم قرآن وطلق قبله .. فالأصح: تعذر تعليمه (٢)، وقال السبكي هناك: لعل الجمع بين الكلامين أن هنا أمورًا أخرى أوجبت التعذر؛ منها: أنه لو أصدق تعليم كل القرآن .. فنصفه وإن عرف من حيث عدد الحروف .. فيختلف سهولة وصعوبة، وحكى الماوردي وجهين في أن القرآن هل يتجزئ في كلماته وحروفه التي جزأه السلف عليها أم لا؟ لتشابهه وصعوبة بعضه، فعلى الأول: يعلمها النصف دون الثاني، وقال السبكي هنا: كشفت كتب المذهب فإنما يظهر جواز النظر للتعليم فيما يجب تعلمه وتعليمه كـ (الفاتحة)، وما يتعين من الصنائع بشرط التعذر من وراء حجاب، وأما غير ذلك .. فإن كلامهم يقتضي المنع، ثم استشهد بالمذكور في (الصداق).

رابعها: قال شيخنا الإمام البلقيني: لم يقيدوا المعاملة والشهادة بألَّا يوجد من محارمها من يعاملها، ويشهد عليها، وألَّا توجد امرأة تعاملها؛ وكأنهم سامحوا في ذلك؛ لتعلقه بالوجه خاصة.

قلت: الشهادة لا تختص بالوجه؛ فإنه يجوز النظر للفرج لتحملها على الزنا والولادة، وللثدي للشهادة على الرضاع على الأصح.

٣٤٩٢ - قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (وللزوج النظر إلى كل بدنها) (٣) يستثنى منه: حلقة الدبر، فحكي عن الدارمي: أنه لا يجوز النظر إليها؛ لأنها ليست محل استمتاعه، وعبارة " الحاوي " مصرحة بخلافه؛ حيث قال: (حتى السوءة بكرهٍ) (٤)، وقال في


(١) انظر " فتح العزيز " (١٣/ ٦٤).
(٢) المنهاج (ص ٤٠١).
(٣) انظر " التنبيه " (ص ١٥٩)، و" الحاوي " (ص ٤٥٤)، و " المنهاج " (ص ٣٧٣).
(٤) الحاوي (ص ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>