للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مفهوم "التنبيه" و"الحاوي" (١) يفهم أنه يشترط في جواز نكاح الحر الكتابي الأمة خوف العنت وفقد طول الحرة؛ لأنهم جعلوا الكتابي في ذلك كالمسلم إلا في نكاح الأمة الكتابية، وهذا هو الذي فهمه السبكي، وقال: لم يصرح الرافعي والنووي وغيرهما باعتبار هذين الشرطين في الحر الكتابي، وهما خوف العنت وفقد طول الحرة.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: ظاهر القرآن يدل على أن الشروط إنما تعتبر في حق المؤمن؛ بدليل قوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ... } إلى آخره، قال: والذي أعتقده أن الشروط إنما تعتبر في حق المؤمنين الأحرار.

٣٦١٣ - قول "التنبيه" [ص ١٦١]: (وإن جمع بين حرة وأمة .. ففيه قولان، أحدهما: أنه يبطل النكاح فيهما، والثاني: أنه يصح في الحرة ويبطل في الأمة) الأصح: الثاني كما في "المنهاج"، وعليه مشى "الحاوي" (٢)، وهو تكرير؛ لدخول المسألة في عبارته في البيع، وصورة المسألة في الحر، أما العبد: فله الجمع بينهما قطعاً، وصورة "المنهاج" فيمن لا تحل له الأمة، ومقتضاه: الحل قطعاً في الحر الذي تحل له الأمة؛ كمن وجد حرة تسمح بمؤجل أو بدون مهر المثل أو بلا مهر، أو وجد طول حرة كتابية وقلنا: إن ذلك لا يمنع الأمة، وليس كذلك، فتبطل الأمة والحرة، قيل: على القولين، وهو الأظهر عند الإمام والرافعي في "الشرح الصغير" (٣)، وقال جماعة: يبطل قطعا بجمعه من له أفراد كل منهما، فبطلتا كالأختين، وجزم الجرجاني في "المعاياة" بصحتهما كما اقتضاه مفهوم "المنهاج"! .

وقال ابن الصلاح: إنه لا يعرف لغيره، وقال ابن الرفعة: ولم أره في غيره.

قال السبكي: وهو في "الشافي" له أيضاً.

قال شيخنا ابن النقيب: وحكاه في "البحر" عن القاضي الطبري (٤)، وحكى في "الذخائر" طريقة رابعة، وهي: القطع بصحة نكاح الحرة وبطلان نكاح الأمة، والمراد: جمعهما في عقد، فلو فصّل؛ بأن قال: زوجتك بنتي بألف، وزوجتك أمتي بمائة، فقبل نكاح البنت فقط، أو قبل البنت ثم الأمة .. صح نكاح البنت قطعاً، ولو قدمت الأمة في تفصيلهما إيجاباً وقبولاً .. صحتا حيث جازت الأمة كقبول الحرة بعد صحة نكاح الأمة، ولو فصل الإيجاب فجمع القبول أو عكسه .. فكتفصيلهما، وقيل: كجمعهما.


(١) التنبيه (ص ٤٦٣)، الحاوي (ص ١٦١).
(٢) الحاوي (ص ٤٦٣)، المنهاج (ص ٣٨٥).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (١٢/ ٢٦٧).
(٤) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٦/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>