للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٢١ - قول " التنبيه " [ص ١٦٩]: (وإن حضر في موضع فيه صور حيوان؛ فإن كان على بساط يداس أو مخاد توطأ .. جلس، وإن كان على حائط أو ستر معلق .. لم يجلس) فيه أمور:

أحدها: أنه سكت عن بيان حكم غير الأربعة المذكورة؛ لكنه يلحق بكل من القسمين ما هو في معناه، وقد زاد " المنهاج " في الأول: الأرض، وفي الثاني: السقف والوسادة والثوب الملبوس (١).

وبقي من الأول: الطبق والخوان (٢) والقصعة، ذكرها الرافعي بحثاً (٣)، وصرح الغزالي بالأولين، فقال في " الإحياء ": لا بأس بالطبق والخوان (٤)، وأتى " الحاوي " بما يقتضي الحصر فقال [ص ٤٨٥]: (وصور حيوان لا على فرش ومتكإٍ) فيرد عليه الأرض والطبق والخوان والقصعة، وتعبيره بالمتكأ بيان لمراد " التنبيه " بقوله [ص ١٩٦]: (مخاد توطأ) فالمراد بوطئها: الاتكاء عليها لا دوسها، وعبر " المنهاج " في الجائز بالمخدة، وفي الممنوع بالوسادة (٥)، وهما لفظان مترادفان، فصار لفظه مشكلاً، ومراده: الجواز في المخدة الصغيرة التي يتكأ عليها، والمنع في الوسادة الكبيرة المنصوبة، كما عبر به في " أصل الروضة " (٦)، وتعبيره في " المنهاج " لا يدل عليه، وتردد في " المهمات " في الإبريق؛ لكونه يمتهن بالاستعمال، لكن لا يجعل عليه شيء، ومال إلى المنع، فقال: إنه المتجه، وعندي: أن الدنانير الرومية التي عليها الصور من القسم الذي لا ينكر؛ لامتهانها بالإنفاف والمعاملة، وقد كان السلف رضي الله عنهم يتعاملون بها من غير نكير، فلم تحدث الدراهم الإسلامية إلا في زمن عبد الملك بن مروان كما هو معروف، وهذا الذي ذكرناه من التفصيل هو المعروف في المذهب.

واستشكل السبكي الجواز في المفرش ونحوه، وأوّل الأحاديث التي فيه، وقال: حديث: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة " (٧) على عمومه. انتهى.

وهو على بعده من المذهب بعيد من الدليل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عائشة رضي الله عنها على جعل الستر الذي فيه تصاوير مرفقتين، وكان يرتفق عليهما مع إنكاره عليها تعليقه ستراً، والحديث في " صحيح مسلم " وغيره، لكن قوى النووي في " شرح مسلم " تحريم استعمال


(١) المنهاج (ص ٤٠٣).
(٢) الخوان: الذي يأكل عليه، معرب. انظر " لسان العرب " (١٣/ ١٤٦).
(٣) انظر " فتح العزيز " (٨/ ٣٤٨، ٣٤٩).
(٤) إحياء علوم الدين (٢/ ٣٤٠).
(٥) المنهاج (ص ٤٠٣).
(٦) الروضة (٧/ ٣٣٥).
(٧) أخرجه البخاري (٣٠٥٣)، (٣١٤٤) ومسلم (٢١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>