للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيها: الأحسن أن يقول: (على ألَاّ يفعل شيئًا لا بد له منه)، حكاه في " الكفاية " عن الجيلي، ثم قال: ولا يحتاج إليه؛ لأن المراد من الحلف هنا: التعليق، وإذا كان كذلك .. فيكون التقدير: أن يعلق طلاقها على فعل شيء لا بد منه، وقد استقام الكلام.

ثالثها: ظاهر كلامه: حصول الخلاص بالخلع ولو كان المحلوف على فعله مقيداً بمدة، وخالف في ذلك بعض المتأخرين؛ فقال السبكي: دخلت على ابن الرفعة، فقال: استفتيت في من حلف بالطلاق الثلاث لا بد أن يفعل كذا في هذا الشهر، فخالع في الشهر؟ فأفتيت: بتخلصه من الحنث، ثم ظهر لي أنه خطأ، ووافقني البكري على التخلص، فبينت له أنه خطأ (١)، قال السبكي: فبحثت معه وجنحت إلى التخلص، وهو لا يلوي عليه، وقال: الصواب: أنه ينتظر، فإن لم يفعل حتى مضى الشهر .. بأن وقوع الثلاث قبيل الخلع وبطل الخلع.

ثم سألت الباجي، ولم أذكر له كلامه .. فوافقه؛ لتمكنه منه ولم يفعله، ثم رأيت في الرافعي في فروع في آخر (الطلاق): لو قال: إن لم تخرجي الليلة من الدار فأنت طالق، ثم خالع مع أجنبي في الليل وجدد؛ ولم تخرج .. لم تطلق؛ لأن الليل كله محل اليمين، ولم يمض كله، وهي زوجته حتى تطلق، ولو قال: إن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم فأنت طالق، وقال لأمته: إن لم تأكلي التفاحة الأخرى فأنت حرة، فالتبستا، فخالع وباع في اليوم ثم جدد واشترى .. تخلص (٢)، وهذا مخالف لقول ابن الرفعة والباجي.

قال السبكي: وخطر لي الفرق بين (إن لم أفعل)، و (لأفعلن): أن الأول تعليق على العدم ولا يتحقق إلا بالآخر، فإذا صادفها الآخر بائناً .. لم تطلق وليس هنا إلا جهة حنث فقط؛ فإنه إذا فعل .. لا نقول: برَّ، بل لم يحنث؛ لعدم شرطه، وأما (لأفعلن) فالفعل مقصود، وهو إثباتٌ جُزئيٌّ، وله جهة برٍّ وهي فعله، وجهة حنثٍ بالسلب الكلي الذي هو نقيضه، والحنث بمناقضة اليمين وتفويت البرِّ، فإذا التزمه وفوته بخلع من جهته .. حنث؛ لتفويته البر باختياره، هذا نهاية ما خطر لي، ولم أجد له مستنداً من كلام الناس، فإن صح .. فالصيغ ثلاث: حلف على النفي، وحلف على الإثبات بـ (إن لم أفعل) ويفيد فيهما الخلع، وحلف ب (لأفعلن) ولا يفيد فيه الخلع. انتهى.

٣٨٨٤ - قوله: (يصح الخلع من كل زوج بالغ عاقل) (٣) أورد عليه النووي: أنه لا بد أن يقول: مختار، فقال: الصواب: أن خلع المكره باطل (٤).


(١) في (١): (ووافقني أيضاً القمولي، فبينت له أنه خطأ).
(٢) انظر " فتح العزيز " (٩/ ١٥٧، ١٥٩).
(٣) انظر " التنبيه " (ص ١٧١).
(٤) انظر " تصحيح التنبيه " (٢/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>