للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعطيتيني ألفاً) .. فإنه صريح في الإلزام قطعاً ويرد على " الحاوي " أيضاً: الشرط الأول، وهو سبق طلبها؛ فإنه لم يذكره.

وقال الرافعي فيما ذكرناه في الشرط الثاني: مقتضاه: أنه لو قال: بعتك ولي عليك كذا) .. أن يصح بناء على صحته بالكناية (١).

قال ابن الرفعة: وهو يشعر بالمنع إن لم يصححه بها، وفيه نظر؛ لأن الكناية هنا في العوض لا في صيغة العقد التي هي محل الخلاف هناك، أما إذا لم تصدقه .. فلا يلزمها المال قطعاً سواء قبلت أم لا، وفيما إذا قبلت .. احتمال للسبكي في أن قبولها كتصديقها ويقع الطلاق في الظاهر مؤاخذة له، هذا هو المنقول، قال السبكي: وفيه نظر؛ لأن هذه الجملة كما تحتمل العطف تحتمل الحال، فتكون مقيدة وقد ادعى إرادة ذلك، فكيف يقع الطلاق مع هذا الاحتمال؟ وأما فيما بينه وبين الله تعالى .. فيقطع بعدم الوقوع.

ثالثها: ألَاّ يشيع في العرف استعمال هذا اللفظ في طلب العوض وإلزامه، فإن شاع .. فهو كقوله: (طلقتك على ألف)، حكاه الرافعي والنووي عن المتولي، ولم يعترضاه (٢)، وهذا إن صح وارد على " المنهاج " و" الحاوي " أيضاً، لكنه مخالف لنقلهما عن الأكثرين تقديم اللغة على العرف، ويقوي كلام المتولي فيما إذا قصد ذلك؛ لتَقَوِّي كلٍّ من العرف والقصد بالآخر، وقد سئلت عمن قال لزوجته: (أبرئيني وأنت طالق) وقصد تعليق الطلاق على البراءة، وهذا اللفظ شائع عرفاً في التعليق، وأجبت فيه بالحمل على التعليق، والله أعلم (٣).

٣٩١٨ - قول " المنهاج " [ص ٤١٠]- والعبارة له - و" الحاوي " [ص ٤٩٥]: (ولو قال: " طلقي نفسك إن ضمنت لي ألفاً "، فقالت: " طلقت وضمنت " أو عكسه .. بانت بألف) هذا هو المشهور، وذهب الماوردي إلى اشتراط تقديم الضمان (٤)، ومال إليه شيخنا الإمام البلقيني بحثاً، ثم قال: ولو قيل: تقول: (طلقت ضامنة) على معنى أن يكون الطلاق في حالة الالتزام لم يبعد، لكن لفهم المعنى صار منظوراً إليه، وطرح النظر إلى ظاهر اللفظ. انتهى.

ويعتبر وقوعهما في مجلس التواجب في الأصح، وقيل: في مجلس العقد ما لم يتفرقا، وهو المعتبر في خيار المجلس في البيع، ورجحه القاضي أبو الطيب، وقيل: لها أن تطلق نفسها متى شاءت.


(١) انظر " فتح العزيز " (٨/ ٤٣٣).
(٢) انظر " فتح العزيز " (٨/ ٤٣٣، ٤٣٤)، و" الروضة " (٧/ ٤٠٤).
(٣) انظر " حاشية الرملي " (٣/ ٢٥٣).
(٤) انظر " الحاوي الكبير " (١٠/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>