للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: محل الخلاف: فيما بعد الانفصال، فأما قبل الانفصال .. فهي طاهرة قطعًا، كما قدمناه عن ابن الصلاح (١)، وقد قيده بذلك "المنهاج" و "الحرر" و "شرح المهذب" (٢)، ولم يذكره "الحاوي"، تبعًا لـ "الشرحين"، ولا "الروضة"، وقد يفهم من قول "التنبيه": (وقيل: إن انفصل ... إلى آخره).

ثانيها: المراد بغسالة النجاسة: ما استعمل في واجب الإزالة، فالأصح: طهورية المستعمل في مندوبها؛ كالتثليث، وهذا ينبه عليه في عبارة "المنهاج" و "الحاوي" أيضًا؛ لأنهما أطلقا غسالة النجاسة (٣)، أما ما غسل به نجاسة يندب غسلها ولا يجب؛ كقليل الدم .. فقال شيخنا شهاب الدين بن النقيب: (يظهر أنه كغسالة الواجب؛ لأنه أزال النجاسة، بخلاف ما جدد به وضوء؛ فإنه لم يرفع حدثًا) (٤).

ثالثها: اقتصر "التنبيه" و "المنهاج" على شرط واحد لمحل الخلاف، وهو: عدم التغير، وبقي عليهما شرط ثانٍ (٥) ذكره "الحاوي"، وهو: ألا يزيد وزنه، ولا بد من اعتبار ما تَشَرَّبه الثوب من الماء، نبه عليه شيخنا جمال الدين في "المهمات"، وهو واضح، وأشار ابن الرفعة في "المطلب" إلى ترجيح طهارة الغسالة ولو زاد وزنها، ورجحه السبكي، وشرط ثالث لم يذكروه، وهو: ألا يبلغ قلتين، فإن بلغهما بلا تغير .. فطهور مطلقًا.

رابعها: قول "التنبيه": (فهو طاهر) يفهم أنه ليس بطهور، وليس كذلك، فهو طهور أيضًا على هذا القول.

نعم؛ اختار السبكي في الغسالة أنها طاهرة ليست طهورًا، وهو اختيار لنفسه ليس في القديم ولا في الجديد، كما صرح هو به.

خامسها: الأظهر: القول الثالث، وهو: التفصيل بين أن ينفصل قبل طهارة المحل أو بعده، كما صرح به "المنهاج" حيث قال [ص ٨١]: (والأظهر: طهارة غسالة تنفصل بلا تغير وقد طهر المحل) وأحسن منه قول "الحاوي" [ص ١١٩]: (وغسالة كل مرة إن لم تتغير ولم تزد وزنًا؛ كمغسولها) لأنه يفهم منه مسألة، وهي: ما لو أصاب شيء من أولى غسلات الكلب ثوبًا .. فلا يغسل على القديم، ويغسل ستًا على الأظهر، وسبعًا على الآخر، ولايفهم ذلك من عبارة "المنهاج".

* * *


(١) انظر "مشكل الوسيط" (١/ ١٩٢، ١٩٣).
(٢) المحرر (ص ١٦)، المنهاج (ص ٨١)، المجموع (٢/ ٥٥١).
(٣) الحاوي (ص ١١٩)، المنهاج (ص ٨١).
(٤) انظر "السراج على نكت المنهاج" (١/ ١٧٨).
(٥) في النسخ: (ثاني)، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>