للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلو قال: أنت طالق ثلاثاً، ولا تطلقي واحدة أو ثلاثاً لا واحدة، وقصد بذلك ما يقصد بالاستثناء .. فقال شيخنا الإمام البلقيني: الذي يظهر أنه لا يقع إلا طلقتان، قال: ولم أر من تعرض له.

٤٠٠٧ - قوله: (ولو قال: " أنت طالق ثنتين وواحدة إلا واحدة " .. فثلاثٌ) (١) قال في " المهمات ": ينبغي - تفريعاً على أن الاستثناء عقب الجمل يعود إليها - أن يقع طلقتان.

قلت: الظاهر أن هذا ليس من صور العود إلى الكل، وكيف يستثني واحدة ويصيرها ثنتين؟ وإنما يستقيم ذلك بتقدير، وهو (إلا واحدة من كل الطلاقين) ولا دليل على ذلك، بخلاف بقية صور الاستثناء المتعقب للجمل، وينبغي أن يقيد بهذا كلامهم في عودها للكل، وتمثيلهم يدل على ذلك، والله أعلم.

واعلم: أن الرافعي والنووي صححا فيما إذا عطف بعض العدد على بعض في المستثنى أو المستثنى منه .. أنه لا يجمع بينهما (٢)، ووافقهما شيخنا الإمام البلقيني في المستثنى منه، وخالفهما في المستثنى، فقال: يجمع ما لم يصل إلى الاستغراق، ثم استشهد بما لو قال: (أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة وواحدة) (٣)، فحكيا عن الشيخ أبي على أنه قال: اتفق الأصحاب على أنه يجمع بينهما، ويصحان، ولا يقع إلا ما بقي بعد الاستثناء، وهو واحدة.

قلت: لا معنى لهذا؛ لأنه إنما تظهر ثمرة هذا الخلاف عند الاستغراق، فأما إذا لم يستغرق .. فإنه يستوي الحكم مع الجمع والتفريق، فكونه في هذه الصورة لا يقع إلا طلقة ليس مفرعاً على الجمع، بل هو على التفريق كذلك أيضاً، والله أعلم.

٤٠٠٨ - قول " التنبيه " [ص ١٧٦]: (وإن قال: " أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا ثنتين " .. فقد قيل: يقع ثلاث، وقيل: يقع طلقتان) الأصح: الثاني، وعليه مشى " المنهاج " (٤).

وسُئِلْتُ عمن كلف شخصاً المبيت عنده ليالي فحلف أنه لا يبيت عنده غير تلك الليلة المستقبلة .. هل يحنث بترك المبيت عنده فيها؟

فأجبت: بأن مقتضى قاعدتنا: أن الاستثناء من النفي إثبات أن يكون المبيت تلك الليلة محلوفاً عليه أيضاً، فيحنث بتركه، لكن أفتى شيخنا الإمام البلقيني بحضوري فيمن حلف لا يشكو غريمه إلا من حاكم شرعي .. هل يحنث بترك شكواه مطلقاً؟ فأجاب: بعدم الحنث؛ لأن مقصوده إنما


(١) انظر " المنهاج " (ص ٤٢٠).
(٢) انظر " فتح العزيز " (٩/ ٢٧)، و" الروضة " (٨/ ٩٢).
(٣) في النسخ: (واحدة واحدة)، ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) المنهاج (ص ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>