للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسنوي في " تصحيحه ": أن الأصح: الوقوع فيما إذا كان ذلك في معرض الإنشاء كما في " الروضة " في (كتاب الإقرار) (١)، وهو كما نقل، والعجب أنه في " تنقيحه " إنما نقل ذلك عن الرافعي بواسطة ابن الرفعة، لكن الرافعي في أوائل الباب الثالث من (الإقرار) بعد مضي نحو ورقة من الموضع المتقدم قال: لو قال: " عليّ ألف، أو لا " .. لزمه الألف؛ لأنه غير منتظم (٢).

وقال النووي: هو غلط، وقد صرح صاحبا " التهذيب " و" البيان " بأنه لا يلزمه في هذه الصورة شيء كما لو قال: (أنت طالق، أو لا) فإنه لم يجزم بالالتزام، وما يبعد أن يكون الذي في كتاب الرافعي تصحيفاً من النساخ أو تغييراً مما في " التهذيب "، وكيف كان: فالصواب الذي يقطع به: أنه إذا قال: ألف، أو لا .. فلا شيء عليه. انتهى (٣).

وفي " أصل الروضة " في الباب الثاني في أركان الطلاق: قال: (أنت طالق ثلاثاً أو لا) بإسكان الواو .. لا يقع شيء، قال المتولي: هو كما لو قال: هل أنت طالق؟ انتهى (٤).

فاختلف كلام الرافعي في ذلك من ثلاثة أوجه: أطلق في الطلاق عدم الوقوع، وفي الموضع الثاني من (الإقرار) في نظير المسألة ما يقتضي الوقوع، وفصل في الموضع الأول من الإقرار بين الإنشاء والإقرار، وهو الحق، فيحمل إطلاقاه على تفصيله.

وعلى التفصيل لو أطلق فلم يفسر بإقرار ولا إنشاء .. قال الهروي في " الإشراف ": يمكن أن يقال: إنه يحمل على الإخبار حتى لا يقع لقرينة التشكيك، والأصل بقاء النكاح.

قال في " المهمات ": وهو ظاهر منقاس، ولم يطلع النشائي إلا على الموضع الثاني من الإقرار، فقال: وقع في الرافعي في (كتاب الإقرار) أنه يقع، وحكاه في " الكفاية "، وهو وهمٌ نبه عليه النووي، وقد ذكره الرافعي في " شرحه الصغير " على الصواب (٥).

وتبعه في " التوشيح " فذكر مثل ذلك، وقد عرفت أن ما حكياه عن الرافعي في (الإقرار) ليس في عين المسألة، وإنما هو في نظيرها، وفاتهما الموضع الأول، وعليه الاعتماد، والله أعلم.

فلو قال: (أنت طالق واحدة أو لا شيء) .. قال ابن الصباغ: قياس قول أبي العباس: أنه لا يقع شيء؛ لأن (واحدة) صفة للطلاق، وصفة الشيء راجعة إليه، فصار كقوله: (أنت طالق أو لا شيء) أما لو قال: (أنت طالق أوَّلاً - بتشديد الواو وفتحها - وهو يعرف العربية .. فإنه يقع.


(١) تذكرة النبيه (٣/ ٣١٧)، وانظر " الروضة " (٤/ ٣٩٢).
(٢) انظر " فتح العزيز " (٥/ ٣٣٤).
(٣) الروضة (٤/ ٣٩٧)، وانظر " التهذيب " (٤/ ٢٥٠)، (٦/ ٣٧)، و" البيان " (١٣/ ٤٢٨).
(٤) الروضة (٨/ ٣٩).
(٥) انظر " نكت النبيه على أحكام التنبيه " (ق ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>