للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الجارح بأن يكون له وقع وتأثير بحيث يظهر القتل به، وقال: إنه صريح نص الشافعي في "الأم".

وظاهر نص "المختصر" ومقتضى كلام الأصحاب، وقال: إن قول "المنهاج" [ص ٤٦٨]: (بجارح أو مثقل) زيادة على "الروضة" وأصلها، وإن اعتبار القتل غالبًا في الجارح لا يعرف في كلام الشافعي ولا أحد من أصحابه، ومع ذلك: فيخرج عن هذا التقييد التجويع ونحوه، فكان حذفه أولى.

ثم أورد على نفسه: أن في "أصل الروضة" في شريك السبع أن الخلاف فيما إذا كان جرح السبع يقتل غالباً (١).

ثم أجاب عنه: بانه إنما اعتبر فيه أن يقتل غالبًا؛ لأنه ليس بجارح عادة.

وأورد شيخنا الإمام البلقيني أيضاً على تفسير العمد بما تقدم: أن العمد يتعلق به القصاص والدية المغلظة وإيجاب القصاص على شريك المتعمد فيتقيد كلامهم بأمرين:

أحدهما: أن من قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبًا بجهة حكم ثم ظهر الخلل في مستند الحكم بلا تقصير؛ كما لو ظهر الشاهدان عبدين أو فاسقين .. فأظهر القولين: أن حكمه حكم الخطأ حتى تجب الدية مخففة على العاقلة، قال: والقياس المعتمد: أن شريكه كشريك المخطئ، ولم أر من تعرض له.

ثانيهما: لو رمى إلى حربي فأسلم ثم أصابه السهم فمات .. فالأصح في "الروضة": أن الواجب دية خطأ (٢)، لكن المعتمد: أنها حالّة في مال الرامي، ولو اقتص الوكيل جاهلاً بعزله أو بعفو الموكل .. فالدية مغلظة على المشهور حالّة على الوكيل على الأصح فيهما، وشريكه شريك متعمد على المعتمد وإن لم يذكروه.

٤٥٤٥ - قول "التنبيه" [ص ٢١٣، ٢١٤]: (فالخطأ: أن يرمي إلى هدف فيصيب إنساناً) مثال، ولا ينحصر الخطأ فيه، وعبارة "المنهاج" [ص ٤٦٨]: (فإن فُقِدَ قَصْدُ أحدهما؛ بأن وقع عليه فمات، أو رمى شجرة فأصابه .. فخطأ) ويرد عليه: ما لو رمى إلى شخص ظنه شجرة فبان إنسانًا .. فهو خطأ على الصحيح كما تقدم.

قال شيخنا الإمام البلقيني: وكذلك يرد عليه ما ثبت فيه حكم الخطأ مما تقدم مع أنه قصد الفعل والشخص بالقتل، وكذلك خطأ التعزير والأدب والطب وغيرها مما هو مقرر في (ضمان الولاة)، ولا بد فيه أيضًا من كون الفعل فيه له مدخل في الإهلاك، والوقوع عليه ليس مثالاً لفقد قصد أحدهما، بل لفقدهما، وقصد الشخص دون الفعل متعذر.


(١) الروضة (٩/ ١٦٢).
(٢) الروضة (٩/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>