للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: صورة المسألة فيمن تيمم لفقد الماء، أما المتيمم للعجز عن استعماله بمرض ونحوه: فإنما يبطل تيممه بالقدرة عليه.

ثانيها: لا يتوقف البطلان على رؤيته، فتوهمه في هذه الصورة مبطل أيضًا.

ثالثها: شرطه: كون الماء يجب استعماله، فلو قارنه مانع؛ كسبع أو حاجة عطش ونحوه .. لم يبطل، وقد سلم "المنهاج" من الإيراد الأول والأخير؛ حيث قال [ص ٨٥]: (ومن تيمم لفقد ماء فوجده؛ إن لم يكن في صلاة .. بطل إن لم يقترن بمانع كعطش)، وسلم "الحاوي" من الثلاثة بقوله [ص ١٣٩]: (وقبل الشروع بوهم الماء بلا مانع).

فإن قلت: أين يوجد الأول، وهو تصوير المسألة من كلامه؟

قلنا: من قوله بعده: (وقدرة استعماله) (١) فعلم أن الكلام أولًا في الفاقد، وثانيًا في العاجز.

٣١٨ - قول "التنبيه" [ص ٢١]: (وإن رأى الماء في أثنائها .. أتمها إن كانت الصلاة مما يسقط فرضها بالتيمم) فيه أمور:

أحدها: أنه يتناول ما إذا رأى الماء وهو في تكبيرة الإحرام، وكذا تتناول هذه الصورة قول "المنهاج" [ص ٨٥]: (أو في صلاة)، وقول "الحاوي" [ص ١٣٩]: (ولو فيها)، وقد قال الروياني في هذه الصورة: (أنه تبطل صلاته، وتيممه) (٢)، وجرى عليه النووي في "التحقيق"، واستحسنه في "شرح المهذب"، وقال: (لم أجد لغيره موافقته ولا مخالفته) انتهى (٣).

وقد وافقه الرافعي، فقال في كلامه على استصحاب نية التحرم: (ألا ترى أنه لو رأى الماء قبل تمام التكبير .. يبطل تيممه) (٤).

قال السبكي: (وفيه نظر).

ثانيها: قال ابن الرفعة: (قوله: "أتمها" يفهم لزوم الإتمام، وهو وجه، ويجوز أن يحمل على الاستحباب، وهو وجه) انتهى.

واعترض: بأن إرادة اللزوم عند ضيق الوقت لا يفهمها اللفظ، ومطلقًا لا يتأتى إلا على وجه مرجوح، والاستحباب عند اتساع الوقت وجه مرجوح؛ فإن الأصح: أن الخروج أفضل، وأما عند ضيقه: فكلام النووي مصرح بأنه لا خلاف في حُرمة قطعها (٥)، وقد يقال: مراده: الإجزاء،


(١) انظر "الحاوي" (ص ١٣٩).
(٢) انظر "بحر المذهب" (١/ ٢٣٠).
(٣) التحقيق (ص ١١١)، المجموع (٢/ ٣٣٣).
(٤) انظر "فتح العزيز" (١/ ٤٦٣).
(٥) انظر "المجموع" (٢/ ٣٣٣، ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>