للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقرعةٍ، فإن اقتص بها، أو مبادراً .. فلوارث المقتص منه قتل المقتص إن لم نُوَرّث قاتلاً بحق، وكذا إن قتلا مرتباً ولا زوجية، وإلا .. فعلى الثاني فقط) (١) فيه أمور:

أحدها: أن المراد: الأخوان الشقيقان؛ ولهذا عرّف الأب والأم، وتمام التصوير أن يكونا حائزين، فلو كان معهما وارث آخر .. لم يتم التفريع المذكور.

ثانيها: لا يخفى أن القرعة عند التنازع، فلو طلب القصاص أحدهما دون الآخر .. أجيب الطالب.

ثالثها: يستغنى عن القرعة أيضاً فيما إذا قطع كل منهما من مقتوله عضواً وماتا بالسراية معاً .. فلكل منهما طلب قطع عضو الآخر حالة قطع عضوه، ذكره شيخنا الإمام البلقيني، ثم إذا مات الأخوان بالسراية معاً أو مرتباً .. وقع قصاصاً.

رابعها: ويستغنى عنها أيضاً فيما لو قتلاهما معاً في قطع طريق .. فللإمام أن يقتلهما معاً؛ لأنه حد وإن غلب فيه معنى القصاص، لكنه لا يتوقف على الطلب، ذكره شيخنا الإمام البلقيني أيضًا.

خامسها: لوارث المقتص منه قتل المقتص وإن ورثنا القاتل بحق إذا كان محجوباً؛ كأن يكون لذلك الأخ ابن، ذكره في "الروضة، وأصلها (٢).

سادسها: قوله: (وكذا إن قتلا مرتباً ولا زوجية) يقتضي أن التقديم بالقرعة هنا أيضاً، لكن الأرجح عند النووي: أنه يبدأ بالقاتل الأول (٣)، ولكن قال شيخنا الإمام البلقيني: المعتمد عندنا الإقراع، وهو الذي يفتى به؛ لأن تقديم أحد الحقين في الإيجاب لا يوجب التقديم في الاستيفاء؛ فإن من أتلف مال رجل ثم مال آخر وضاق ماله عنهما .. لا يقدم أولهما، وإنما قيل بالأول فيما إذا قتل جماعة؛ لأن ذاته صارت كالمرتهنة بقصاص الأول، وهنا وجب لكل منهما قصاص على صاحبه وهما متنازعان في التقديم .. فتعين الإقراع، ويمكن حمل كلام "المنهاج" على مجرد إيجاب القصاص لكل منهما على الآخر؛ بدليل قوله: (وإلا .. فعلى الثاني).

ثم محل ذلك: في غير قطع الطريق، فأما فيه .. فلا حاجة لإقراع ولا تقديم مبتدئ، وللإمام قتلهما معاً كما تقدم.

سابعها: قوله (وإلا .. فعلى الثاني فقط) أي: كانت الزوجية بين الأبوين قائمة، فهو نفي لنفي الزوجية، وإنما اختص القصاص بالثاني؛ لأن الأول ورث من أمه شيئاً مما ورثته من قصاص أبيه الثابت عليه .. فسقط الكل.


(١) انظر "المنهاج" (ص ٤٧٣).
(٢) فتح العزيز (١٠/ ١٦٩)، الروضة (٩/ ١٥٤).
(٣) انظر "الروضة" (٩/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>