للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحل هذا: إذا لم يكن هناك مانع من إرث، ومنه الدور، حتى لو تزوج الرجل بأمهما في مرض موته ثم وجد القتل المذكور من الولدين .. فلكل منهما القصاص على الآخر مع وجود الزوجية، وعلى هذا: ففي صورة الدور لو ماتت الزوجة أولاً .. لم يمتنع الزوج من إرثها، فإن كان هو المقتول أولاً .. فكل منهما يستحق القصاص على الآخر، وإن كانت هي المقتولة أوَّلًا .. فالقصاص على الثاني، قال: فليتنبه لذلك؛ فإنه من النفائس.

قال شيخنا المذكور في "حواشيه": ولم يصر أحد من الأصحاب إلى أنهما يوكلان ويقتص وكيلاهما معاً؛ لأن شرط دوام استحقاق كل منهما قتل صاحبه: أن يكون حياً بصفة الاستحقاق عند قتل غريمه، قال: فلو قتلهما الوكيلان معا .. فهل يقع الموقع؛ لم أقف على نقل فيه.

٤٥٩٩ - قول "المنهاج" [ص ٤٧٣]: (وللولي العفو عن بعضهم على حصته من الدية باعتبار الرؤوس) وقول "الحاوي" [ص ٥٥٦]: (والرؤوس إن شارك) يستثنى منه: ما إذا كان الضرب بالسياط أو العِصِي الخفيفة، وكانت ضربات كل واحد منهم قاتلة لو انفردت .. فالأظهر: أن التوزيع على عدد الضربات لا الرؤوس، هذه عبارة الرافعي (١)، وعبر عنه في "الروضة" بقوله: كانت الضربات كل واحدة منهن قاتلة (٢)، وهو غير مستقيم؛ لتصويره أولًا أن الضرب بعصي خفيفة، وأيضأ: فلا نظر حينئذ للعدد، بل يقطع باعتبار الرؤوس كما في الجراح.

وإن لم يكن ضرب كل واحد قاتلًا وتواطؤوا وفرعنا على إيجاب القصاص وهو الأصح .. فهل يتوزع على عدد الضربات على الأرجح كالتي قبلها أم على عدد الروس؟ قال شيخنا الإمام البلقيني: القياس الأول.

٤٦٠٠ - قول "التنبيه" [ص ٢١٥]: (وإن جرح نفسه وجرحه آخر، أو جرحه سبع وجرحه آخر .. ففيه قولان، أحدهما: يجب القود على الجارح، والثاني: لا يجب) الأصح في الأولى: الوجوب، وعليه مشى "المنهاج" (٣)، وأما الثانية: فمقتضى كلام "الروضة" وأصلها فيها ترجيح الوجوب أيضاً؛ لأنه حكى فيها طريقين، أشهرهما: طرد القولين في شريك الحربي، والأظهر فيه: وجوب القصاص، والثانية: القطع بعدم القصاص، وصححها القاضي حسين والإمام والغزالي (٤).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنها غير صحيحة؛ فقد نص في "الأم" على إيجاب القصاص على شريك السبع. انتهى.


(١) انظر "فتح العزيز" (١٠/ ١٨٥).
(٢) الروضة (٩/ ١٦٦).
(٣) المنهاج (ص ٤٧٣).
(٤) فتح العزيز (١٠/ ١٨٠، ١٨١)، الروضة (٩/ ١٦٢)، وانظر "نهاية المطلب" (١٦/ ٧٩)، و"الوجيز" (٢/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>