للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الرفعة: وعلى من صحح العفو عن أرش الإصبع دون القدر الزائد عليه من الدية؛ لكونه إبراء سؤالٌ لا يكاد يندفع، ويحتاج في تقريره إلى تجديد العهد بأصلين:

أحدهما: أن الإبراء عن المجهول غير صحيح على المذهب.

والثاني: أن الجراحات إذا سرت إلى النفس وأفضى الأمر إلى الدية .. لا نظر إلى أروشها، سواء كانت مقدرة أو غير مقدرة، بل الواجب كما قال الإمام: دية واحدة عن النفس، لا عن الأطراف (١)، ولا يختلف مذهبنا في ذلك، وإذا كان كذلك .. فالإبراء حصل عما قابل الإصبع من الدية، وقد تبينا بآخر الأمر أن لا مقابل لها، ولو قيل: بأن لها مقابلًا .. فليس هو عشرًا من الإبل، بل جزء من الدية، وهو مجهول، وقضية ذلك أن لا يصح فيما ادعوه، ثم أطال ابن الرفعة في جواب ذلك ورد الأجوبة.

٤٧٠٩ - قوله: (ومن له قصاص نفسٍ بسرايةِ طرفٍ لو عفا عن النفس .. فلا قطع له) (٢) نازع فيه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: المعتمد: أنه له القطع، وصرح به في " البسيط " فقال: فإن عفا عن النفس .. فله القطع؛ ويدل له نص الشافعي على أنه لو قطع مسلم يد مسلم فارتد المجروح ومات بالسراية .. أنه يقتص من الجاني المسلم في الطرف وإن كانت النفس قد سقط قصاصها (٣)، فلم يجعل سقوط القصاص في النفس التي ماتت بالسراية مقتضيًا لسقوط القصاص في الطرف، قال شيخنا: وما ذكره " المنهاج " لم أره في كلام أحد قبل الرافعي إلا البغوي والخوارزمي (٤)، وتعليل الرافعي بأن المستحق هو القتل، والقطع طريقه، وقد عفا عن المستحق مردود؛ فلا يتعين القطع في طريق القتل، بل له حز الرقبة ابتداء وقطع الطرف ثم حز الرقبة بعده (٥).

٤٧١٠ - قوله: (ولو قطعه ثم عفا عن النفس مجانًا، فإن سرى القطع .. بان بطلان العفو، وإلا .. فيصح) (٦) لا حاجة لقوله: (مجانًا) فإنه لا فرق بين العفو مجانًا أو على عوض غير الدية أو على ما بقي من الدية بعد المقطوع، وتبين بطلان العفو مبني على أن السراية تقع قصاصًا، وهو الذي في " المنهاج " كما تقدم، فإن قلنا بما حكاه ابن كج عن عامة الأصحاب، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه القياس أنها لا تقع قصاصًا .. فلا يتبين بطلانه، بل إن كان مجانًا .. فالسراية مهدرة، أو على عوض غير الدية أو على ما بقي من الدية .. استقر العوض.


(١) انظر " نهاية المطلب " (١٦/ ٤٣٥، ٤٣٦).
(٢) انظر " المنهاج " (ص ٤٨٢).
(٣) انظر " الأم " (٦/ ٤٥).
(٤) انظر " التهذيب " (٧/ ١٢٦).
(٥) انظر " فتح العزيز " (١٠/ ٣٠٣).
(٦) انظر " المنهاج " (ص ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>