للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلت: والإيجابُ بالنسبة لمقدر حكومةٌ أيضًا كما نص عليه الشافعي.

قلت: المراد: الحكومة التي يقدر الحر فيها رقيقاً، وهي التي فسرها بعده، وهذه ليست كذلك؛ ولهذا لما ذكر "المنهاج" هذا الحكم عند الكلام على الشجاج .. قال: (والشجاج التي قبل الموضحة إن عرفت نسبتها منها .. وجب قِسْطٌ من أرشها، وإلا .. فحكومة) (١) فلم يسم الإيجاب بالنسبة لمقدر حكومة، ويرد الأمران على قول "التنبيه" [ص ٢٢٧]: (وفي الجراحات سوى ما ذكرناه الحكومة).

وقد يقال: لا يرد الأول؛ لأن مثل قلع سن من ذهب لا جراحة فيه، وقد يقال: بل فيه جراحة إذا نبت عليه اللحم.

ويرد عليه أيضاً: أنه تجب الدية أيضاً في إذهاب الصوت والمضغ والإمناء وقوة الإحبال والجلد على ما قدمته فيها، مع أنها قد تنشأ عن جراحه، وأنه تجب الحكومة في كسر العظام أو نقلها فيما عدا الرأس والوجه، وقد لا يكون فيها جراحة.

٤٧٩٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٢٧]: (وفي الشعور كلها الحكومة) شرطه: فساد المنبت بحيث لا تعود أو تعود ناقصة؛ ولهذا قيد "الحاوي" ضمان لحية المرأة بفساد المنبت (٢)، أما لو عادت كما كانت .. فلا تجب حكومة بلا خلاف، كما في "أصل الروضة" (٣)، لكن في "البويطي": (وليس في الشعر أرش معلوم، وفيه حكومة إن نبت كما كان بقدر الألم والشين، وإن لم يعد كما كان .. ففيه حكومة أكثر من ذلك) حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: وبه يتأيد كلام "التنبيه"، وحكى القاضي حسين وجهاً ثالثاً: أنه إن حصل للمجني عليه ألم بالإزالة .. وجبت، وإلا .. فلا، وجمع في "الكفاية" الأوجه الثلاثة، وذلك يرد على تعبير شيخنا الإسنوي عنه بالصواب (٤).

ثم هذا في الشعر الذي فيه جمال. أما ما لا جمال في بقائه، بل في ذهابه؛ كشعر الإبط .. ففيه وجهان، صحح الماوردي منهما: أنه لا حكومة فيه.

واعلم: أن ظاهر كلامهم أنه لا قصاص في نتف الشعر، وبه صرح الماوردي في أسنان إبل الخطأ وتقويمها؛ وعلله باختلاف الناس فيه كثافة وخفة وطولاً وقصراً، وفي جماله ذهاباً وبقاء (٥)، لكنه قال في القصاص في الشجاج: فاما إن قلع شعره قلعاً لم يعد نباته؛ فإن أمكن فيه


(١) المنهاج (ص ٤٨٤).
(٢) الحاوي (ص ٥٧٦).
(٣) الروضة (٩/ ٣٠٩).
(٤) تذكرة النبيه (٣/ ٤٣١).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (١٢/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>