للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من تأثيره في السقوط من علو، فيكتفى في ضمان العقل بعدم البلوغ وإن كان مميزاً، وفيه نظر؛ فإن السقوط قد يعرض من رجفة ودهشة وإن لم يزال العقل.

وقيد بعض شراح "التنبيه" كلامه في مسألة زوال عقل الصبي بكونه غير مميز كما فعل في سقوطه من علو، وقد عرفت أن الشافعي والأكثرين لم يقيدوهما بذلك، والله أعلم.

ويعود في البالغ أنه لا بد من كونه عاقلاً مستيقظاً كما تقدم في السقوط.

٤٨١١ - قولهما: (ولو طلب السلطان من ذُكرت بسوءً فأجهضت .. ضُمن الجنين) (١) فيه أمور:

أحدها: لا اختصاص لذلك بطلب السلطان، بل لو فزعها إنسان بشهر سيف ونحوه .. ضمن جنينها، وقد قال الشافعي رضي الله عنه؛ لأن معروفاً أن المرأة تسقط من الفزع، وقد تناول هذا قول "الحاوي" في الإجهاض [ص ٥٥٧]: (ولو بتخويف).

ثانيها: لا يتقيد ذلك بطلبها هي، بل لو طلب رجلاً عندها ففزعت فأجهضت .. ضمن أيضاً، نص عليه كما نقله شيخنا الإمام البلقيني.

ثالثها: قال شيخنا الإمام البلقيني: ولا يتقيد بأن تذكر بسوء، بل مجرد طلب السلطان كاف في الضمان، نص عليه، قال شيخنا: فلو طلبها في دين فأسقطت .. ضمن إن كانت مخدرة؛ لتعديه، أو غير مخدرة لكنه يخاف من سطوته، فإن لم يخف من سطوته وهي غير مخدرة .. فلا ضمان، قال: وينبغي للحاكم أن يسأل هل هي حامل قبل أن يطلب؟ ولم أر من يفعله، وهو حسن.

قلت: ولهذا جرت العادة أن يكتب في القصص التي يطلب فيها الإعداء على امرأة: وهي برزة غير حامل؛ فهو احتياط حسن، والله أعلم.

رابعها: أورد عليه شيخنا أيضاً: أنه يقتضي قصور الضمان على الجنين، مع أنها لو ماتت من الإجهاض .. ضمنها أيضًا، خلاف ما لو ماتت بلا إجهاض.

٤٨١٢ - قول "المنهاج" [ص ٤٨٩]: (ولو وضع صبياً في مسبعةٍ فأكله سبعٌ .. فلا ضمان، وقيل: إن لم يمكنه انتقالٌ .. ضمن) فيه أمور:

أحدها: أنه يقتضي أنه لو كان بالغاً .. لم يجب الضمان قطعاً، وبه صرح في "أصل الروضة" ثم قال: ويشبه أن يقال: الحكم منوط بالقوة والضعف لا بالصغر والكبر (٢).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو متعين، والتقييد بالصبي لا معنى له، فلو قيد رجلاً وألقاه في


(١) انظر "التنبيه" (ص ٢٢٠، ٢٢١)، و"المنهاج" (ص ٤٨٩).
(٢) الروضة (٩/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>