للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعدي، قال: وكلامهم في إحياء الموات شاهد لهذا، قال: ويرد عليه على الاحتمال الأول ما لو حفر في ملكه المرهون المقبوض بغير إذن المرتهن، أو في ملكه الذي آجره إجارة صحيحة .. فهو حفر عدوان، ولا ضمان لو سقط فيه إنسان غير متعد بالدخول، قال: فلو سقط المستأجر .. ففيه نظر، والقياس: أنه لا يضمن.

قلت: إنما ينبغي أن يكون الحفر في المرهون تعدياً إذا نقصت به قيمة الأرض، وإلا .. فلا منع منه، والله أعلم.

٤٨١٩ - قول "التنبيه" [ص ٢٢١]: (وإن حفر بئراً في ملكه فاستدعى رجلاً فوقع فيها فهلك؛ فإن كانت ظاهرة .. لم يضمن، وإن كانت مغطاة .. ففيه قولان) الأظهر: أنه يضمن إن لم يعلمه بها، ولا رأى أثراً يدل عليها أو كان أعمى، وقول "المنهاج" [ص ٤٨٩]: (ولو حفر بدهليزه بئراً ودعا رجلاً فسقط .. فالأظهر: ضمانه) هو من الصور الداخلة في عبارة "التنبيه" لأن ملكه أعم من دهليزه، لكنه غاير في "أصل الروضة" بينهما، فقال فيما إذا حفر في ملك نفسه: فلو دخل ملكه داخلٌ بإذنه وتردى فيه .. لم يجب ضمانه إذا عرفه المالك أن هناك بئراً، أو كانت مكشوفة والداخل متمكن من التحرز، فأما إذا لم يعرّفه والداخل أعمى أو الموضع مظلم .. ففي "التتمة": أنه كما لو دعاه إلى طعام مسموم فأكله.

ولو حفر بئراً في دهليز داره ودعا إليها رجلاً فتردى فيها .. ففي الضمان قولان سبقا في أول (الجنايات)، أظهرهما: الوجوب. انتهى (١).

ثم في عبارة "المنهاج" أمور:

أحدها: أن مقتضاها: أنه لا قصاص في الصورة التي ذكرها؛ لذكره في موجبات الدية، وهو الأظهر في "أصل الروضة" (٢)، لكن ذكرها "الحاوي" في موجب القصاص فقال: (وتغطية بئر الممر) ويوافقه أن الشافعي رضي الله عنه رجح في تقديم الطعام المسموم لبالغ عاقل من غير بيان حاله: وجوب القصاص، فقال: إنه أشبههما (٣)، وقد جمع في "أصل الروضة" بين هاتين المسألتين، ورجح فيهما عدم القصاص كما تقدم، ومقتضى ترجيح الشافعي في نظيرها وجوب القصاص ترجيحه فيها.

ثانيها: لا بد من تقييده بألا يعلمه بها ولا يرى أثراً يدل عليها؛ لظلمة أو تغطية أو كان أعمى كما تقدم في عبارة "التنبيه".


(١) الروضة (٩/ ٣١٦، ٣١٧).
(٢) الروضة (٩/ ٣١٦، ٣١٧).
(٣) انظر "الأم" (٦/ ٤٢، ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>