للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجب رجاء نجاة الراكب، فإن طرح مال غيره بلا إذنٍ .. ضمنه، وإلا .. فلا) فيه أمور:

أحدها: قال في "أصل الروضة": ويجب إلقاء ما لا روح فيه لتخليص ذي الروح، ولا يجوز إلقاء الدواب إذا أمكن دفع الغرق بغير الحيوان، وإذا مست الحاجة إلى إلقاء الدواب .. ألقيت لإبقاء الآدميين، والعبيد كالأحرار (١).

ثانيها: استشكل ذلك شيخنا الإمام البلقيني: بأنه إن جعلت الخيرة في عين المطروح للملاح ونحوه .. فهو غير لائق، وإن توقف على إذن صاحبه .. فقد لا يأذن، فيحصل الضرر، ثم قال: إنه يحتاج إلى إذن المالك في حالة الجواز (٢) دون الوجوب (٣)، فلو كانت لمحجور .. لم يجز إلقاؤها في محل الجواز، ويجب في محل الوجوب.

ولو كانت مرهونة أو لمحجور عليه بفلس أو لمكاتب أو لعبد مأذون عليه ديون .. وجب إلقاؤها في محل الوجوب، وامتنع في محل الجواز إلا باجتماع الراهن والمرتهن، أو السيد والمكاتب أو السيد والمأذون والغرماء في الصور المذكورة، فلو رأى الولي في محل الجواز أن إلقاء بعض أمتعة محجوره يسلم به باقيها .. فقياس قول أبي عاصم العبادي: فيما لو خاف الوصي استيلاء غاصب على المال فله أن يؤدي شيئا لتخليصه: جوازه هنا، والله أعلم.

ثالثها: أن قوله: (رجاء نجاة الراكب) إن كان تعليلاً للمسألتين .. فكيف تصلح هذه العلة الواحدة للجواز تارة والوجوب أخرى؟ ، وإن كان للوجوب فقط .. فكيف يستقيم الجواز بدون ذلك؟ أورده شيخنا الإمام البلقيني بمعناه، ثم قال: والذي يقال في ذلك: أنه إن حصل هول خيف منه الهلاك مع غلبة السلامة .. جاز إلقاء غير ذات الروح رجاء نجاة الراكب، وإن غلب الهلاك مع ظن النجاة بالطرح .. وجب.

رابعها: لا بد من تقييد الراكب بكونه محترماً؛ ليخرج الحربي والمرتد والزاني المحصن وغيرهم، فلا يلقى مال محترم لنجاة راكب غير محترم، ويرد على قول "الروضة": (ويجب إلقاء ما لا روح فيه لتخليص ذي الروح) (٤) الكلب العقور والخنزير، فلا يلقى لأجلهما ما لا روح فيه.

٤٨٤٣ - قول "التنبيه" في (باب الضمان) [ص ١٠٦]: (وإن قال: ألق متاعك في البحر وعلى ضمانه فألقاه .. لزمه ضمانه) أهمل له شرطين:

أحدهما: أن يقوله في حال إشراف السفينة على الغرق.


(١) الروضة (٩/ ٣٣٨).
(٢) في (ج): (وهي ما إذا حصل هول خيف منه الهلاك مع غلبة السلامة).
(٣) في (ج): (وهي ما إذا غلب الهلاك إن لم يطرح).
(٤) الروضة (٩/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>