للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونازع شيخنا الإمام البلقيني في اعتبار غلبة الإصابة، وقال: ذكره جماعة، وهو غير معتبر على أصل الشافعي؛ لأن الغلبة إنما تعتبر في الآلة أن تهلك غالباً لا في إصابتها، فمتى أمكنت الإصابة وحصلت .. وجب القود كما لو رمى شخصاً بسهم قد يصيبه وقد لا يصيبه، فأصابه فقتله، أو ألقى حجراً من سطح على مار قد يصيبه وقد لايصيبه فأصابه فقتله .. فيجب القود فيهما، وقول "المنهاج": (في الأصح) تبع فيه "المحرر" و"الشرح الصغير" (١)، والذي في "الشرح الكبير": إنه الذي قطع به الصيدلاني والإمام والغزالي والمتولي، ورجحه البغوي والروياني، وقطع العراقيون بمقابله، وهو أنه شبه عمد، قال الرافعي: ويشبه أن يقال: الخلاف راجع إلى أنه هل يتصور تحقيق هذا القصد في المنجنيق؟ (٢).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: لم يثبت أحد من المصنفين في الطريقين هذا الخلاف، وإنما بعض العراقيين يقول: لا يتصور قصد رجل بعينه بالمنجنيق، وإنما يتفق وقوعه ممن وقع، وخالفهم آخرون فقالوا: إن ذلك يتصور.

٤٨٤٧ - قول "التنبيه" [ص ٢٢٢]: (وإن وقع رجل في بئر فجذب ثانياً والثاني ثالثاً والثالث رابعاً وماتوا - أي: بوقوع بعضهم على بعض - .. وجب للأول ثلث الدية على الثاني، والثلث على الثالث ويهدر الثلث) محله: فيما إذا كان الوقوع في البئر غير مهلك، فإن كان مهلكاً، فالأول هلك بصدمة البئر أيضًا .. فديته أرباع، ربع على عاقلة الحافر إن كان الحفر عدوانا، فإن لم يكن عدواناً .. هدر أيضاً، والأرباع الباقية على ما ذكر في الأثلاث، ولا أثر للصدمة في حق الباقين، فديتهم على ما هي عليه، أما إذا كانت البئر واسعة فلم يقع بعضهم فوق بعض .. فدية كل مجذوب على عاقلة جاذبه، ودية الأول على عاقلة الحافر إن كان متعدياً.

٤٨٤٨ - قول "الحاوي" [ص ٥٧٩]: (وإن تزلق وجذب ثانياً، وهو ثالثاً .. هدر ثلث الأول، وثلثاه على الحافر والثاني) لا يخفى أن محله: إذا كان الحافر متعدياً، وإلا .. هدر ثلث آخر، والله أعلم.

٤٨٤٩ - قول "التنبيه" [ص ٢٢٢]: (وإن تجارح رجلان فماتا .. وجب على كل واحد منهما دية الآخر) محله فيما إذا كان ذلك خطأ أو شبه عمد، فإن كان عمداً .. فدم كل منهما هدر، قاله القاضي حسين فيما حكاه عنه في "الكفاية".

* * *


(١) المحرر (ص ٤١٢).
(٢) فتح العزيز (١٠/ ٤٥٨)، وانظر "نهاية المطلب" (١٦/ ٤٧٩)، و"الوجيز" (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>