للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عندنا: الصحة، وللإنسان قصد في أن يسعى بدفع شيء من ماله في نجاة غيره.

٤٨٤٤ - قول "الحاوي" [ص ٥٧٩]: (وأنا والركبان ضامنون .. لزمه حصته ولزمهم حصتهم إن رضوا) ينبغي حمله على ما إذا قصد الإخبار عن ضمان سبق منهم وصدقوه، فإن قصد الإنشاء ورضوا به .. فقيل: يلزمهم، ورجحه في "الوسيط"، وقال: يسامح فيه للحاجة، بخلاف سائر العقود (١)، والظاهر كما قال الرافعي خلافه؛ لأن العقود لا توقف، وفي "أصل الروضة": إنه الصحيح (٢).

ولو أذن له في الإلقاء فألقاه .. فهل تلزمه الحصة أم الجميع؛ لأنه باشر الإتلاف؟ وجهان بلا ترجيح في "الروضة" (٣)، أما لو زاد على قوله: (أنا والركبان ضامنون كل واحد منا على الكمال. أو على أني ضامن وكل واحد منهم ضامن) .. فعليه ضمان الجميع، وكذا يلزمه الجميع على الأصح إذا قال: أنا ضامن وركاب السفينة، أو على أن أضمنه أنا والركاب، أو قال: وأنا ضامن وهم ضامنون.

٤٨٤٥ - قولهما: (ولو عاد حجر منجنيق فقتل أحد رماته .. هُدِرَ قسطه، وعلى عاقلة الباقين الباقي) (٤) استثنى منه شيخنا الإمام البلقيني: ما إذا حصل ذلك بأمر صنعه رفقاؤه، وقصدوا الرفيق المذكور بسقوطه عليه، وغلبت إصابته .. فهو عمد لا تحمله العاقلة، بل في أموالهم، ولا قصاص عليهم؛ لأنهم شركاء مخطئ، قال: ولم ينبه عليه أحد، وكأنهم تركوه؛ لأنه لا يتصور عندهم، ونحن صورناه، فلا خلاف بيننا وبينهم.

٤٨٤٦ - قول "المنهاج" [ص ٤٩١]: (أو غيرهم ولم يقصدوه .. فخطأٌ، أو قصدوه .. فعمدٌ في الأصح إن غلبت الإصابة) أحسن من قول "الحاوي" [ص ٥٧٩]: (وإن أصاب واحداً وقصدوه قادرين .. فعمدٌ، وعلى مبهمٍ شبهُهُ، وإلا .. فخطأ) لأنه يتناول واحداً من الرماة، ولم يصور الأصحاب فيه العمد كما تقدم، فما أراد إلا واحداً من غيرهم، فأفصح "المنهاج" بذلك، وأيضاً فلا يختص الحكم بإصابة واحد؛ فقول "المنهاج": (غيرهم) أعم، وقوله: (قادرين) هو كقول "المنهاج": (إن غلبت الإصابة)، وقوله: (وعلى مبهم شبهه) أي: شبه عمد، هي الصورة الخارجة بمفهوم قول "المنهاج": (إن غلبت الإصابة) وقول "الحاوي": (قادرين) فإن مراده بها: ما إذا قصدوا واحداً والغالب أنه لا يصيبه وهم قادرون على إصابة غير معين، فلم يقصدوا مبهماً، ولكن لا يقع رميهم إلا على مبهم، ففي تعبيره عن ذلك قلق.


(١) الوسيط (٦/ ٣٦٥).
(٢) فتح العزيز (١٠/ ٤٥٥)، الروضة (٩/ ٣٤١).
(٣) الروضة (٩/ ٣٤١).
(٤) انظر "الحاوي" (ص ٥٧٩)، و "المنهاج" (ص ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>