للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيها: أن تعبيره بالأظهر يقتضي أن الخلاف قولان، وكذا في "المحرر" و"الوجيز" (١)، لكنه في "الشرحين" وجهان (٢)؛ فلهذا عبر في "الروضة" بالأصح (٣)، وحكى الماوردي والروياني إسقاط الحد عن المكره عن مذهب الشَّافعي، وإيجابه عن بعض الأصحاب (٤)، وذلك يقتضي أن الخلاف قول ووجه.

ثالثها: أن محل الخلاف: في الرجل، أما المرأة: فلا يجب عليها الحد قطعًا.

قول "الحاوي" [ص ٥٨٤]: (ودون ولي وشهود) يفهم سقوط الحد مع خلو العقد عن ولي وشهود معًا، وليس كذلك، وإنَّما يسقط إذا خلا عن أحدهما فقط؛ لشبهة أبي حنيفة في عدم اعتبار الولي، ومالك في عدم اعتبار الشهود، فلو عبرب (أو) .. لكان أولى.

وكذا يرد ذلك على قول "التنبيه" [ص ٢٤٢]: (وإن وطئ في نكاح مختلف في إباحته؛ كالنكاح بلا ولي ولا شهود) على أن في عبارته ما يرشد إلى مراده انتفاء أحدهما فقط من وجهين:

أحدهما: قوله: (مختلف في إباحته) فإن المختلف في إباحته فاقد أحدهما فقط، أما فاقد كل منهما .. فمجمع على تحريمه.

ثانيهما: قوله بعد ذلك: (وقيل: إن وطئ في النكاح بلا ولي وهو يعتقد تحريمه .. حد) (٥) ولم يبال شيخنا الإسنوي بهاتين القرينتين، فأورد ذلك على "التنبيه"، وقال: (الصواب: وجوب الحد فيما إذا وطئ في نكاح بلا ولي ولا شهود) (٦)، واقتصر "المنهاج" على التمثيل بنكاح بلا شهود (٧)، فلا إيراد عليه، لكن شاححه شيخنا الإمام البلقيني في قوله: (على الصحيح) (٨) وقال: إن مقتضى المنقول: أنَّه لا يجب الحد في الوطء بلا شهود قطعًا، وإن كان قوله: (على الصحيح) راجعًا للقاعدة .. فهو أولى بالاعتراض بأنه لا خلاف فيها ولا في هذا المثال، إنما الخلاف في النكاح بلا ولي، وقيد محل الخلاف في درء الحد بشبهة عالم بما إذا لم يحكم حاكم بإبطاله أو صحته، فإن حكم بإبطاله وفرق بين الزوجين .. فقال الماوردي: إنهما زانيان عليهما الحد؛ لأن شبهة العقد قد ارتفعت بحكم الحاكم بينهما بالفرقة (٩)، قال شيخنا: وإن


(١) الوجيز (٢/ ١٦٩)، المحرر (ص ٤٢٧).
(٢) فتح العزيز (١١/ ١٤٩).
(٣) الروضة (١٠/ ٩٥).
(٤) انظر "الحاوي الكبير" (١٣/ ٢٤١).
(٥) التنبيه (ص ٢٤٢).
(٦) تذكرة النبيه (٣/ ٤٦٥).
(٧) المنهاج (ص ٥٠٣).
(٨) المنهاج (ص ٥٠٣).
(٩) انظر "الحاوي الكبير" (٩/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>