للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثالثها: أن قوله: (الأصح: اشتراط التغييب حال حرية وتكليف) (١) يقتضي أنَّه وجه، وأن مقابله قوي، وليس كذلك فيهما؛ فهو نص الشَّافعي في "الأم" و"المختصر" (٢)، ومقابله ضعيف.

رابعها: يرد عليه أن مقتضاه: أن الإصابة حال سكره لا يحصل بها التحصين؛ لأنه غير مكلف على طريقته، وإن كان الراجح خلافه كما تقدم، لكنه ألحق السكران وإن كان غير مكلف عنده بالمكلفين في إيجاب الحد عليه، فكذلك في التحصين.

وأورد عليهم معًا أمور:

أحدها: أن تعبيرهم لا يتناول الأنثى.

وجوابه: أن المراد: الجنس؛ فيتناولها لا سيما قول "التنبيه" [ص ٢٤١]: (من وطئ) فإنه شامل لهما، وأما التذكير بعد ذلك؛ فلمراعاة اللفظ، إلَّا أن يقال: المرأة ليست واطئة، وإنما هي موطوءة.

ثانيها: أن عبارتهم تتناول الحرية في الظاهر؛ كاللقيط الساكن والعتيق في مرض الموت مع أنهما لا يرجمان، والمراد: من استقرت حريتهما، قال شيخنا الإمام البلقيني: ولم أر من تعرض لهذين الفرعين، ولا بد من التنبيه عليهما.

قلت: قد يقال: لم تتناولهما عبارتهم؛ لأنهما ليسا محققي الحرية، ولا بد من تحققها؛ لأنها شرط، وهذا شأن الشروط.

ثالثها: أنَّه دخل في عبارتهم وطء من لا يوطأ مثلها مع عدم تمييزها، وقد تردد في ذلك شيخنا الإمام البلقيني، وقال: الأرجح: أنَّه لا يصير به محصنًا، وكذا لو استدخلت المرأة حشفة زوجها الفطيم .. لا تصير محصنة.

قلت: كلامهم قد يخالف ذلك؛ ففي "أصل الروضة" بعد حكاية الخلاف في إصابة الكامل الناقص: قال الإمام: هذا الخلاف في صغيرة أو صغير لا يشتهيه الجنس الآخر، فإن كان مراهقًا .. حصل قطعًا. انتهى (٣)

فالتي لا تشتهى هي التي لا يُوطأ مثلها، إلَّا أن يقال: صورة تردد الشيخ ليس في كل من لا يشتهى، بل بقيد كونه غير مميز، ويختص كلام الإمام بوجود التمييز، والله أعلم.

٥٠٢٥ - قول "المنهاج" عطفًا على ما عبر فيه بالأصح [ص ٥٠٣]: (وأن الكامل الزاني بناقصٍ محصنٌ) فيه أمران:


(١) المنهاج (ص ٥٠٣).
(٢) الأم (٤/ ٢٨٨)، مختصر المزني (ص ٢٦١).
(٣) الروضة (١٠/ ٨٧)، وانظر "نهاية المطلب" (١٧/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>